أهمية التخصصات

Q تحدثتم عن أهمية التخصصات، وأنها منقولة أن ترجع إلى العالم الشرعي، لكن الإسلام دين الكمال، أليس المفترض أن يكون الطبيب يفقه في دين الله، فـ ابن المبارك رحمه الله كان مجاهداً، وتاجراً، وعالماً، وشاعراً، والشافعي كان طبيباً وعالماً لعلكم تدندنون حول هذا؟

صلى الله عليه وسلم هذا فيه جزء من الصواب، لكن كم عندنا في الأمة من ابن المبارك؟ وكم عندنا في الأمة من مثل الشافعي؟ فمن الصعب أن نفترض في كل إنسان أنه ذو كفاءات متكاملة، فالطبيب الذي ينهمك في طبه، يصعب أن يكون متخصصاً في الحديث، حتى يعرف الأسانيد، والمتون، والرجال، والجرح والتعديل، والشذوذ والعلة القادحة، ويتكلم في الرجال والأسانيد، حتى كأنه كما ذكر السائل ابن المبارك، أو يحي بن معين في مجلس درسه، يصعب هذا، كما أن المتخصص في العلم الشرعي والحديث والفقه، يصعب أن يتحدث في القضايا الطبية، كما لو كان طبيباً متخصصاً، هذا معروف، فالتخصص لابد منه، لكن التخصص لا يعني أن الطبيب أصبح أمياً في مجال الشرعيات، لا فعنده علم أولاً: بفروض الكفاية، ومعرفة بالعقيدة الصحيحة، لابد من هذا، وعنده معرفة بالأحكام الشرعية التي يحتاج إليها، كأحكام الطهارة والوضوء والصلاة، والزكاة إن كان ذا مال وما أشبه ذلك، ومعرفة أحكام المعاشرة الزوجية.

المهم الأحكام التي هي فرض عين على أن يعرفها.

ثانياً: أن يكون عنده معرفة ببعض الأحكام التي تخصه في مجال عمله، بعد ذلك لاشك أنه يحتاج إلى العالم الشرعي، والعالم الشرعي أيضاً قد يحتاج إليه، فإن العالم الشرعي قد يقدم له استفتاء في موضوع طبي، وهو لا يفهم المصطلحات الموجودة، أو في موضوع اقتصادي، لا يدري ما معنى هذه المصطلحات الموجودة في السؤال، يحتاج إلى متخصص يأتي ويشرح له، ويبين له أبعاد الموضوع، ولذلك من أهم شروط المفتي العلم بالنازلة أولاً.

ثانياً: العلم بحكم الله تعالى فيها، فإذا لم يتصور المفتي الواقع من جميع جوانبه وأبعاده تصوراً صحيحاً، ويدرك ما وراءها، ويعرف حقيقتها، فقد يأتي حكمه ناقصاً أو مقتصراً، لأنه حكم حكماً سطحياً، وكم من إنسانٍ يقول: والله الأمر كذا، فإذا بين له الأمر تغير حكمه، قال: لا، إذا كان كذلك تغيرت المسألة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015