رابعاً: هو أن يدفع الإنسان عن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته؛ ما يلصقه بها أعداء الإسلام -من المنافقين واليهود والمستشرقين ومن المرتدين وغيرهم- ممن يحاولون أن يشوهوا شخصية الرسول عليه الصلاة والسلام بأي صورة؛ كأن يشوهوا شخصيته بعدم العدل، أو بقضية تعدد الزوجات، أو بالحروب التي خاضها صلى الله عليه وسلم، أو بأسلوب معاملته لليهود، أو بالتشريعات التي جاء بها عليه الصلاة والسلام، أو بغير ذلك.
فكثير من الناس يقرءون ما يكتبه المستشرقون، ومن سار على خطاهم من المرتدين المنسلخين عن هذا الدين، فقد يسبق إلى قلوبهم شيء من ذلك، أو لا تنكره قلوبهم؛ والذي رضي بمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، يغار على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويغضب من النيل منه أو الحط من قدره أو التعرض لشخصيته؛ أكثر مما يغضب لو تعرض أحدٌ لشخصيته هو، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه عن أنس: {ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان -وذكر منها- أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما} .
فالواحد من الناس قد يغضب لو سمع سباً أو شتماً في جدٍّ من أجداده أو في قبيلته؛ ولكنه قد يسمع -أحياناً- أو يقرأ في الصحف، أو في بعض الكتب، أو في بعض الأجهزة الإعلامية نيلاً من الرسول صلى الله عليه وسلم بصفة مباشرة أو غير مباشرة فلا يغضب كما يغضب من ذلك؛ فقد ينزل في السوق -أحياناً- كتاب يتكلم عن أنساب بعض القبائل، ويكون في هذا الكتاب نوعٌ من الأخطاء العلمية كنسب قبيلة إلى غير نسبتها الصحيحة، أو أخرج عائلة من القبيلة الحقيقة التي تنتسب إليها، فتجد هؤلاء الأفراد المنتسبين إلى هذا البطن أو الفخذ أو القبيلة تثور ثائرتهم، ويغضبون ويوصلون الأمر إلى الأجهزة العليا، حتى يسحب هذا الكتاب ويعاقب صاحبه ويعاد الحق إلى نصابه -وهذا لا يلامون فيه- لكن الشيء الذي نطالب به: هو أن يكون غضبنا لله ولرسوله ولدينه أشد من غضبنا لأشخاصنا، أو لأنسابنا، أو لقبائلنا، أو لأمورنا الدنيوية المتعلقة بنا، من فعل هذه الأشياء السابقة.