سواءً النوادي الرياضية أو الترفيهية أو الاجتماعية، شريطة أن يكون هدف هذه النوادي تربية المجتمع العلماني البعيد عن قيود الدين.
إن مثل هذه الأساليب السابقة وغيرها، تولد مجتمعاً لا مكان للدين فيه، إلا أنه ترفع فيه المنارات، ويسمع فيه الأذان، وربما كان من الممكن أن يتم عقد النكاح فيه على الطريقة الشرعية إذا رغب الطرفان، وكذلك من الجائز أن يتم دفن الموتى فيه على الطريقة الإسلامية، أما ما سوى ذلك فلا، ونحن نجد نماذج لمثل هذه المجتمعات التي عمل العدو على مسخها، في تركيا اليوم وفي إندونسيا، وهما أوضح نموذج لذلك، ومثله ما عملته اليهودية في دولة إسرائيل مع المسلمين في فلسطين؛ حيث فرضت عليهم العلمانية في القوانين الاجتماعية، وفي المؤسسات والمسلسلات والتعليم وفي سوى ذلك.
حتى أنه في بعض هذه الدول تكون نسبة المسلمين (90%) ، ومع ذلك تكون الإجازة يوم الأحد ولا أحد يعترض على ذلك، لأنه أصبح قانوناً ملزماً، والجميع تربوا على النظرة العلمانية اللادينية، أما الداعية فإنه يعاني من هذه المجتمعات الأمرين، فهو -كما يقال- مثل صياح القبور.
وهذا الوضع إذا وصلت المجتمعات إلى هذا المستوى؛ فإن هذا يوحش قلوب المتدينين من أبناء المجتمع، ويجعل ظنهم يسوء بالناس من حولهم، بل وربما أودى بكثير من الناس إلى ممارسة كثير من المعاصي العظام، التي تشمئز منها الأبدان وتقشعر منها الجلود، بل وربما وصل الحال إلى ارتكاب الكفر البواح عياناً وعلانية، بالقول أو بالفعل أو بهما معاً، وبذلك يضعون حاجزاً بين الدعاة وبين هذا المجتمع، المجتمع المنحرف في أخلاقياته وسلوكه، أما دعاة الإسلام فيشعرون أنهم في وادٍ آخر، وربما أصبحوا ينظرون إلى هذا المجتمع نظرةً سيئة، ويعتبرونه موالياً للأعداء ومناصراً للكافرين ضد الإسلام وضد الدعوة والخير؛ بسبب هذا الشر المستطير المنتشر فيه، ومع ذلك؛ فإن هذا الحاجز الذي أقاموه في المجتمعات العلمانية، يمكن تخطيه بالدعوة وبالصبر والمصابرة، وبطول النفس، وبالتوكل على الله تبارك وتعالى.
ولهذا وجدنا أن حزباً كحزب الرفاه، الذي كان يسمى حزب السلام في تركيا، وهو حزب إسلامي؛ وجدناه يحصل هذا العام على أكثر من (25%) من الأصوات، ويتجاوز بذلك جميع الأحزاب العلمانية، فيسقط في يد الأحزاب الأخرى العلمانية كحزب الأمة وحزب الصراط المستقيم، وتندهش وتتعجب، وتقيم الدراسات للنظر في حزبها وبرامجه وقياداته وضرورة التغيير وغير ذلك، والواقع أن هذا هو تجاوب الأمة مع صوت الحق متى خلي بينها وبينه، حتى أن بعض العلمانيين في تركيا يقولون: نحن ندرك أن الخلافة قد تقوم اليوم أو غداً في تركيا، بل ربما في العالم الإسلامي كله، لكن نحن لا نريد أن نراها، يقول الله: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} [فصلت:43] {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال:32] .
لو قالوا: إن كان هذا هو الحق فنسأل الله أن تأتي الخلافة اليوم قبل غد، وأن نستمتع نحن بها قبل أولادنا، لكن أنى لهم أن يقولوا، إنما قالوا كسابقيهم: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال:32] .
أيضاً نحن نجد اليوم في فلسطين، على رغم الجهود اليهودية المكثفة؛ لتغيير عقول وقلوب وأخلاق وعادات وتقاليد الشعب الفلسطيني، من خلال الإعلام المكثف، ومن خلال التعليم والمؤسسات والقوانين، ومن خلال الأساليب الجهنمية، ومع ذلك تجد أن الأمة قد شمرت عن ساعد الجد، وصدقت وعادت إلى دينها، وأنتم تسمعون أخبار منظمة حماس، وهي منظمة إسلامية داخل فلسطين، وهناك نشاط إسلامي أوسع وأكبر داخل الفلسطينيين، سواءً في الأرض المحتلة أو في غيرها، وقد رأيت الذين أبعدوا وعددهم أكثر من أربعمائة، أبعدوا عن ما يسمى بدولة إسرائيل، وهم اليوم بين إسرائيل وبين لبنان لا أحد يقبلهم، رأيتهم وهم جميعاً يشيرون بأصابعهم بعلامة التوحيد، ورأيت كثيراً منهم وعليهم شعار من شعار الالتزام بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو إعفاء اللحى، وهم في الغالب من الأشخاص المتدينين، بل كلهم من المتدينين.