Q ذكرتم أن الرؤيا من الله وأن الحلم من الشيطان، فمن أي شي يكون النوعان الآخران وهما حديث النفس وما يكون مما يناسب الطبع؟
صلى الله عليه وسلم لعل هذا مما لا يوصف بأنه من الله تعالى ولا من الشيطان، هو من الله تعالى من ناحية أنه خالقه ومقدره بلا شك، لكنه ليس مما يفرح به أو يسر، كذلك ليس هو من الشيطان الذي يحذر به المؤمنين، بل إنه من الأمور العادية، كما أن الإنسان قد يفكر وهو يقظ بأفكار وتخطر له في نفسه خواطر من الأمور المباحة التي لا تحمد ولا تذم، وكذلك له أفكار وخواطر محمودة، مثل الهم بالأعمال الصالحة: إذا هم بحسنة ولم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وفي مقابل ذلك قد يفكر ويخطر في باله خواطر سيئة يلام ويذم ويعاقب عليها، كما إذا هم بالسيئة ولم يمنعه من عملها إلا العجز عنها، فإنه يأثم بذلك ويعاقب عليه كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: {إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: يا رسول الله! ما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه} .
وكما في قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج:25] هذا مجرد الإرادة أو الهم الجازم على المعصية يأثم عليه الإنسان إذا كان لم يمنعه من فعله إلا العجز.
أما إنسان هم بارتكاب الفاحشة وكاد أن يبدأ، ثم اطلع عليه رجل يخافه أو يستحي منه فأقلع، فهذا ما أقلع خوفاً من الله حتى يكتب له حسنة، وإنما أقلع خوفاً من المخلوقين أو لعجزه.