أخبار البوسنة والهرسك

وبعد هذا الاستطراد حول موضوع التطرف، الذي كان موضوع محاضرة جدة فإنني أنتقل إلى موضوع المحاضرة الثانية، وكانت في مكة، وكانت بعنوان (لماذا يخافون من الإسلام) وهي على كل حال تتكلم عن الغرب والنصارى وعداوتهم لهذا الدين من منطلق كلام الله عز وجل، ثم من منطلق الواقع المشهود الذي يؤكد حقيقة عداوتهم لنا في الماضي والحاضر والمستقبل على حدٍ سواء، ومما يتعلق بهذا الموضوع أن هناك تحليل يتلكم عن انهيار الإمبراطورية الأمريكية، وأتجاوزه لأن الوقت يمضي بنا سريعاً، وأنتقل بعده إلى الكلام عن موضوع البوسنة والهرسك والجديد في هذا الأمر.

هذه القضية القديمة الجديدة أخبارها تلاحقنا أسرع منا، ولذلك الكثيرون لا يسمعون شيئاً وإن كنت ذكرت بعض أخبارهم في المحاضرة المشار إليها، لكنني سوف أنقل لكم الآن وبسرعة بعض الأخبار الجديدة والمفزعة عن أحوال إخواننا المسلمين هناك.

يقول الرئيس الأمريكي في لقاء له مع رئيس البوسنة والهرسك: بينما نحن نجتمع الآن هنا تجري هناك عمليات إبادة للمسلمين في البوسنة والهرسك وهذا لا بد أن يتوقف، وأضاف الرئيس الأمريكي: الشعب الأمريكي يرى مناظر الإبادة اليومية، والمجازر التي تحدث للمسلمين في البوسنة والهرسك، ويتساءلون هل يمكن إيقاف ذلك؟ قال: لا بد من دعم هناك ومساعدة لحماية وجود البوسنة والهرسك.

هذا كلام الرئيس الأمريكي، ويكفي بالتعليق عليه أن الصحف الفنلندية نقلت هذا التعليق وقالت: إنها فرصة مناسبة لأمريكا لإثبات مصداقيتها للأنظمة العربية، ونحن نريد من أمريكا قولاً لا فعلاً، أما الكلام فهو للمزايدة والتجارة فقط، نحن نريد منه فعلاً تدخلاً لحماية المسلمين إن كانوا صادقين! والرئيس الفرنسي زار مطار سراييفو وفرح بعض الناس بذلك وتعجبوا، لكن الواقع أن هذه الزيارة أثارت شكوكاً لدى الأوساط السياسية الإسلامية هناك؛ حيث انتشرت أخبار كثيرة بأن الصرب كانوا على علم بموعد الزيارة وبمدتها، وأن إيقاف إطلاق النار على طائرة الرئيس الفرنسي كان متفقاً عليه أيضاً، فيما كانت النتيجة النهائية للزيارة هي إيقاف إصدار قرار مجلس الأمن بالتدخل ضد صربيا.

إذاً هو قام بحركة سريعة وذكية من أجل إيقاف قرار مجلس الأمن بالتدخل ضد الصرب، وإلى ذلك فقد تضاعفت المضايقات التي يوجهها الكروات وهم الحلفاء الآن للمسلمين في جمهورية البوسنة بعد تشكيل الحكومة الكرواتية الداخلية التي يرأسها قائد القوات الكرواتية في البوسنة والهرسك الذي يحظى بدعم كبير من الرئيس الكرواتي الذي قام بتعيينه رئيساً لهذه الحكومة المستحدثة.

ومن الأخبار الموجعة والمفزعة أيضاً: أحد الناس وهو لاعب في الماضي لكرة القدم، ثم أصبح رجل أعمال، وهو اليوم أحد المشردين المهاجرين خرج من مسقط رأسه وهو موجود حالياً في سراييفو يقول: لا يمكن وصف الذي حدث في تيشغراد فالشوارع والجسور والأنهار كلها مغرقة بالدماء، لقد أصبحت مذبحاً لم يبق فيها أحد، هاجرت معنا بعض الأسر الصربية التي اتهمت بخيانة الشعب الصربي، يقول: أصعب وأشد الأوقات تكون حينما ينزل جنود الصرب الاحتياطيون من قرية تابعة لإحدى الكتائب فيسكرون مع جيراننا من الصرب، ثم تحت تأثير الخمر ينطلقون من بيتٍ إلى بيت يتلذذون بهتك أعراض البنات المسلمات دون سن البلوغ وأمام ذويهن، وقمة التلذذ تكون بإسقاط الأطفال والرضع من فوق جسر نهر درينا، ثم يراهن القناصة مَنْ منهم سيصطاد أكبر عدد، إننا لم نحص عدد الضحايا حتى الآن لكن من المؤكد أنه لم يبق بيت واحد سالماً، كانوا ينهبون كل شيء، انتهى مصنع الأثاث، كل الآلات والأدوات نقلت بالشاحانات إلى صربيا أما الممتلكات الخاصة فقد نهبوها كلها، فأخذوا الأثاث حتى الحطب الذي جمعه الناس في مخازن الفحم أخذوه.

ومن أخطر وأبشع الأخبار التي وصلتني اغتصاب الفتيات المسلمات في مدينة برجكو يقول: لا تزال تتوالى الأخبار بما تقشعر له الأبدان، وتشيب له الولدان، فبجانب المجازر الوحشية التي تقوم بها المليشيات الصربية والجبل الأسود ضد المسلمين الأبرياء، فإنهم يعملون على تحقيرهم وإذلالهم، وذلك من خلال أعمالهم الاضطهادية: من الضرب المبرح، والخدش بالسكاكين، ورسم التثليث والصلبان على أجسادهم، وقطع الأعضاء التناسلية، وتقذير المساجد وتمزيق ورمي المصاحف والمشي عليها، وأعمال وحشية أخرى.

ومن أكثر الأعمال الوحشية التي يقوم بها أعضاء المليشيات هي اغتصاب الفتيات بالقوة، والتي لم تسلم منها حتى الفتيات من سن سبع سنوات، وحتى النساء فوق ستين سنة، ولكي يهينوا أهاليهن أكثر فإنهم يقومون بذلك أمام أعينهم من آبائهن وإخوانهن وأطفالهن وجيرانهن، وجرت أخيراً مثل هذه الأعمال في مدينة ذكر اسمها باللغة الإنجليزية حيث قام بعض أعضاء هذه المليشيات بأخذ مائة وخمسين مسلمة وأعمارهن بين عشر وخمسة عشر سنة، وقاموا باغتصابهن أمام أعين كثير من الأقرباء وأمام مجموعة من المسلمين، وهؤلاء الفتيات البائسات لمدة أيام كانوا يتنقلون بهن على أماكن متعددة لأعضاء المليشيات، وبعد مرور شهر على اعتقالهن أطلقوا سراحهن، ووصلن إلى مدينة توزولا، وهن الآن في حالة سيئة للغاية حيث أجسادهن وحالتهن النفسية منهارة، وقد طلبوا من الجمعية الإسلامية في مدينة توزولا بأن تقدم لهم فتوى بالسماح للفتيات البائسات بإسقاط الحمل الموجود في أحشائهن.

هذا التقرير مؤكد وقد أرسل إليَّ وعليه ختم رسمي، وكتب إليَّ الأخ شكري حسنين يقول: هذه الأخبار والتقارير التي تحكي عن مأساة المسلمين في البوسنة والهرسك من الوكالة الإسلامية للأنباء، وعليها ختم الرئاسة العليا هناك، فهي أخبار مؤكدة.

إلى هذا الحد بلغ الأمر بهؤلاء الصرب النصارى ومن ورائهم العالم المتفرج، إنها حرب صليبية تؤكد عداوة النصارى للمسلمين في كل زمانٍ ومكان، وعلى المسلمين أن يفهموا ويفقهوا هذه العداوة التي ذكرها الله تعالى في كتابه فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} [آل عمران:118-119] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015