النقطة الثالثة التي تتعلق بموضوع التطرف: مقال نشرته جريدة صوت الكويت في (6/1/1413هـ) عنوانه: حب الوطن والتكفير ووزارة التربية، والمقال غريب يقول فيه: أنه نقل نصاً من كتاب التربية الإسلامية المقرر على الصف الثاني متوسط يقول هذا النص: (وطني أغنى الأوطان، فيه خيرات كثيرة يحاول اغتصابها أعداؤنا الكفرة من أمم الكفر أمريكا وروسيا وإسرائيل وسوف أدافع عن وطني) انتهى النص.
بعد ذلك علق عليه هذا الكاتب يقول: مع احترامي وتقديري لكل الأساتذة أقول لهم: 1- ليس من حقكم أن تحكموا على الناس بالكفر!! فما عادت القضية أن تكفر المسلم الذي ارتكب مكفراً، بل حتى الكافر واليهودي والنصراني والبوذي والوثني لم يعد اليوم من حقك -في نظر هؤلاء- أن تقول له: كافر! والله تعالى يسميهم كفاراً ويقول: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة:1] {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [البينة:6] إلى غير ذلك من النصوص الصريحة في كفر اليهود والنصارى والوثنيين وغيرهم، وهذا من المعلوم من الدين بالضرورة الذي لم يختلف عليه المسلمون قطعاً، ومع ذلك يقول هذا الإنسان: ليس من حقكم أن تحكموا على الناس بالكفر.
2- إسرائيل وشعبها يدينون بالتوراة، وهو كتاب أنزله الباري على سيدنا موسى عليه السلام، وبالتالي فهم أبناء عمومتنا من أهل الكتاب وليسوا من أهل الكفر.
3- أمريكا وشعبها يدينون بالمسيحية، وكتابهم هو الإنجيل الذي جاء به سيدنا عيسى عليه السلام ناصحاً وهادياً لليهود، ولاقى في سبيل دينه وكتابه ما لقي من تعذيب وتشريد واتهام، ومن ثَمَّ صلب على أعواد المشانق، فهم ليسوا من أهل الكفر، وإنما يؤمنون بالله واليوم الآخر.
وقبل أن أواصل قراءته أذكركم بأن هذا المسكين نسي أنه سب اليهود من حيث لا يدري؛ لأنه من هو الذي تعرض لعيسى عليه السلام، ومن هو الذي كذبه، ومن هو الذي اتهمه، ومن هو الذي آذاه وعذبه وشرده وزعم أنه صلبه؟ إنهم اليهود، ولو تذكر هذا الإنسان أن الذين فعلوا هذه الجرائم هم اليهود ما قال الذي قال، لأن التطبيع الآن وعلاقات السلام -مع أبناء عمومته كما سماهم- تستدعي أن لا يذكر تاريخ اليهود المليء بالحقد على الأنبياء والقتل والتشريد والإيذاء والاعتداء عليهم.
ثم قال: ومن ثم صلب على أعواد المشانق وربنا عز وجل قال: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء:157] ويقول: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء:157-158] فيا سبحان الله! أن تجد إنساناً يحمل اسماً إسلامياً وينتسب إلى بلاد إسلامية، وأن تجد جريدة تصدر باللغة العربية وفي بلادٍ عربية وتباع في بلاد المسلمين كلها، وفي هذه البلاد أيضاً، ثم تنشر مثل هذا الكلام المخالف نصاً لكلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وعقيدة المسلمين منذ أن وجد الإسلام إلى اليوم، ثم يمضي الأمر وكأن شيئاً لم يكن.
4- وهو الآن أحرج لأنهم تكلموا عن روسيا وروسيا كانت بلداً شيوعياً، فماذا يريد أن يقول عن روسيا؟ هل يريد أن ينفي عنهم الكفر أيضاً، قال: روسيا لم يكن نظامها السياسي، وتركيبتها الاقتصادية، وفلسفتها الاجتماعية لم تكن تؤمن بالأديان قاطبة، ولكن الشعب الروسي خليط من الأديان الثلاثة الإسلام واليهودية والمسيحية، ويسبحون في ملكوت الله ويصلون في قرارة أنفسهم ليل نهار ويتجهون إلى الله صباح مساء تبارك الله رب العالمين، ثم يقول: إذاً لماذا اتهام الناس بالكفر وهي تهمة بغيضة شنيعة، وإذا كانت أمريكا من أمم الكفر كما يصف هذا الكتاب المقرر على أولادنا فكيف يفسر مدرس هذه المادة موقف أمريكا من تحرير الكويت المؤمنة المسلمة وهي الدولة الكافرة؟! وعلى افتراض أن أمريكا وشعبها من الكفار الزنادقة، هل كنا نرفض موقفهم المؤيد لنا ومساعدتهم لتحرير الكويت؟ وهل كنا سنضحي بالكويت من أجل أن أمريكا التي سوف تحررنا هي من أمم الكفر؟ أقول: يبدو من هذا الكلام أن هناك مجموعة نشأت ليس في الكويت فحسب، بل في العالم الإسلامي لم يعد الميزان عندها هو القرآن والسنة ولا الإسلام، وإنما الميزان عندها هي قضية الكويت فمن وقف معهم في أزمة الكويت فهو حبيبهم وصديقهم الذي ربطوا به حاضرهم ومستقبلهم، ومن سكت أو وقف ضدهم أو تحفظ أو كان معهم ولكن بالحق، فهذا هو عدوهم الذي لا يقبلون منه صرفاً ولا عدلا.
ولهذا لم يعد غريباً أن نجد على الجماعات الإسلامية، وعلى بعض الدول الإسلامية، هجوماً شنيعاً بالحق أحياناً وبالباطل في الغالب، في المقابل الذي نجد فيه مثل هذه اللهجة الغريبة جداً مع إسرائيل وأمريكا أو روسيا مع أمم الكفر الذين سماهم الله عز وجل كفاراً، ولم يسمهم أحد من عند نفسه.
أما قضية موقف أمريكا فهذا عجبٌ من العجب، هل قال أحد في الدنيا كل الدنيا أن أمريكا تدخلت في الكويت لأنها بلد مؤمن يحمي الإيمان ويحمي السلام ويحمي العدالة؟ أبداً! أمريكا تدخلت من أجل مصالحها، وهذا ليس سراً يقوله الجميع، ولعلكم تعرفون أن هناك أديباً ودبلوماسياً كبيراً من هذه البلاد كان يكتب أثناء الأزمة يومياً، وقد كتب فيمن كتب، وقال: لا أحد ينكر أن تدخل الغرب في أزمة الخليج كان من أجل حفظ مصالحهم ولا شيء في ذلك، إذاً هذا ليس سراً وليس موضع اختلاف.