في صفحة [122] ذكر رحمه الله! بعد أن ذكر من غلطوا في حج النبي صلى الله وعليه وسلم وعمرته، من الأئمة والرواة وغيرهم، فقال: غلط في عمر النبي صلى الله عليه وسلم خمس طوائف، ثم ذكرها.
إحداها: من قال: إنه اعتمر في رجب، والثانية: من قال إنه اعتمر في شوال، والثالثة: من قال: إنه اعتمر من التنعيم… والرابعة: من قال: لم يعتمر في حجته أصلاً، والخامسة: من قال إنه اعتمر عمرة حل منها، ثم أحرم بعدها بالحج " هؤلاء، خمسة أصناف من الناس غلطوا في عُمَر النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم قال: فصل: ووهم في حجه خمس طوائف الأولى: التي قالت حج حجاً مفرداً لم يعتمر معه.
والثانية: من قال: حج متمتعاً تمتعاً حل منه ثم أحرم بعده بالحج.
والثالثة: من قال: حج متمتعاً تمتعاً لم يحل منه لأجل سوق الهدي، ولم يكن قارناً.
والرابعة: من قال: حج قارناً قراناً طاف له طوافين، وسعى له سعيين.
والخامسة: من قال: حج حجاً مفرداً، واعتمر بعده من التنعيم.
ثم قال: غلط في إحرامه خمس طوائف… وذكرها.
الشاهد أنه بعدما ذكر هذا الغلط قال: " فصل في أعذار القائلين بهذه الأقوال، وبيان منشأ الوهم والغلط " وهذا يعطينا أيها الإخوة درساً مهماً من هذا الإمام الجهبذ الفحل في التماس الأعذار لأهل العلم فيما يخطئون فيه من الآراء والأقوال أو الأعمال أيضاً، وأن الإنسان ينبغي أن يكون عنده أيضاً جرأة وشجاعة على أنه إذا كان الخطأ واضح؛ يقول: هذا خطأ؛ ثم يكون عنده في مقابل ذلك إعذار والتماس ذلك العذر لهذا الإنسان في وقوعه في هذا الخطأ، بحيث لا يلقي عليه باللائمة، أو يضع من قدره وتصبح القضية في ميزاننا كما هي اليوم في ميزان كثير من الناس، إما (100%) أو صفر، إما أن يكون هذا الإنسان كاملاً لا يعرفون فيه عيباً، فإن وجدوا فيه عيباً أسقطوا قيمته بالكلية، ولم يروا له فضلاً، وهذا خطأ! بل يقال للمصيب: أصبت، ويقال للمخطئ -بعد أن يتبين خطؤه بالدليل الصحيح- أخطأت؛ ثم يلتمس العذر لهذا المخطئ في خطئه -فهو أي ابن القيم - بدأ في التماس الأعذار فقال: أما عذر من قال اعتمر في رجب -مثلاً- فحديث ابن عمر: {أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب} متفق عليه، إذاً هذا عذر قوي لهم.
قال: وأما من قال: " اعتمر في شوال فعذره ما رواه مالك في الموطأ …" إلى آخر ما ذكر من الأعذار.
ثم قال فصل في صفحة [127] " فصل: في أعذار الذين وهموا في صفة حجته " ثم قال في صفحة [150] " ذكر الذين غلطوا في إهلال النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر عذرهم، إلى آخر ما ذكر، وليس المقصود من ذلك أن الإنسان يمكن أن يراجع هذه المسألة، لكن المقصود: الدرس التربوي في التماس العذر للإنسان إذا أخطأ.