وفي صفحة [248] ذكر حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل، بـ أم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت، فأفاضت، قال: الإمام ابن القيم رحمه الله: " هذا حديث منكر، أنكره الإمام أحمد وغيره " وهذا الحديث يحتج به بعضهم، والإمام رحمه الله ذكر أنه منكر.
وفي صفحة [294] ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم، لما انتهى من حجه، نزل بالخَيف، خَيف بني كنانة، قال المصنف رحمه الله: " وقد اختلف السلف في التحصيب، هل هو سنة أو منزل اتفاق؟ -أي: من غير قصد- على قولين: فقالت طائفة هو من سنن الحج، فإن في الصحيحين عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حينما أراد أن ينفر من منى: {نحن نازلون غداً إن شاء الله بخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر} يعني بذلك المحصَّب، وذلك أن قريشاً وبني كنانة تقاسموا على بني هاشم وبني المطلب ألاَّ يناكحوهم، ولا يكون بينهم وبينهم شيء حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقصد النبي صلى الله عليه وسلم إظهار شعائر الإسلام في المكان الذي أظهروا فيه شعائر الكفر والعداوة لله ولرسوله، وهذه كانت عادته صلوات الله وسلامه عليه، أن يقيم شعار التوحيد في مواضع شعائر الكفر والشرك، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبنى مسجد الطائف موضع اللات والعزى.
أي: الخيف هو المكان الذي اجتمعت فيه قريش، وكتبوا الصحيفة الجائرة الظالمة، التي بموجبها كان الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه في شعب أبي طالب فترة، بل وبنو هاشم وبنو المطلب، حتى من غير المسلمين، ولا يبايعونهم ولا يبتاعون منهم، ولا يناكحونهم حتى كان يسمع صياح الأطفال من الجوع في هذا الخيف، أي نوع من الحصار الاقتصادي للمسلمين.
فالرسول عليه الصلاة والسلام لما فتح مكة , ودانت له الجزيرة العربية بإذن الله تعالى، أراد أن يظهر شعار الإسلام وعزة الإسلام في المكان الذي ضويق فيه، فنزل في هذا الخَيف، حيث تقاسموا على الكفر.