وفي صفحة [395] جاء الكلام عن مسألة التكبير في عشر ذي الحجة، وهي مسألة من مسائل العلم، التي يختلف فيها بعض طلاب العلم -أحياناً- هل يشرع، وما الدليل على مشروعيته -سواءً أكان تكبيراً مطلقاً أم تكبيراً مقيداً-؟ قال رحمه الله: " وكان صلى الله عليه وسلم، يكثر الدعاء في عشر ذي الحجة، ويأمر فيه بالإكثار من التهليل والتكبير والتحميد ".
ويذكر عنه: أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق، فيقول: {الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد} وهذا وإن كان لا يصح إسناده فالعمل عليه إلى آخر ما قال " والمحقق الله، فقد ذكر حديث البخاري، والترمذي، وأبي داود، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذا الأيام العشر} ثم ذكر حديث الدارقطني عن جابر وضعفه، قال: " وفي الباب عن علي وعن عمار عند الحاكم في المستدرك ضعفه الذهبي والبيهقي، قال الحاكم فأما من فعل عمر وعلي وابن عباس وعبد الله بن مسعود فصحيح عنهم التكبير من غداة عرفة إلى آخر أيام التشريق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي {أنه كان يكبر بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق} وإسناده صحيح، وصححه الحاكم، وروى ابن أبي شيبة أيضاً عن أبي الأسود قال: " كان عبد الله بن مسعود يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر، يقول: [[الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد]] وإسناده صحيح " انتهى كلام المحقق وما دام أنه ثبت عن علي وعمر وابن عباس وابن مسعود أنهم يكبرون، فهذا دليل على مشروعيته، واشتهاره عند الصحابة، ويبعد أن يخترعوا هذا الأمر من عند أنفسهم، وهم الوقافون عند حدود الله، وإنما رأوا هذا من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فتأسوا به، وبناءً عليه: نقول بمشروعية التكبير المقيد من صلاة الفجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق.