أما الناحية الإعلامية: فالكلام عنها في غاية الأسى والأسف، فالذي يسمع ويشاهد الإعلام الإسلامي يظن أنه لا يوجد في البوسنة حرب إبادة وتصفية، بل يقطع أن الأمر لا يعدو كونه مجرد مناوشات بسيطة ومحدودة جداً، نعم هذا واقع الأمر وقد سمعت الإذاعة تقول: قتل اليوم اثنان فصار العدد ثمانية، أي سخف هذا السخف وأي هراء؟! المدن يُصَفُّ فيها الرجال ثم يكشف عن عوراتهم فمن وجد مختونا ذبح كما تذبح الأنعام، وفي مدينة واحدة وفي ليلة واحدة ذبح أكثر من أربعمائة وعشرين مسلماً، ثم تأتي الإذاعة وتقول اليوم قتل اثنان والأمس ستة فصار العدد ثمانية، أو ليرتفع العدد إلى ثمانية، وهذا قبل أيام قليلة جداً سراييفو والمدن الكبيرة -كما أسلفنا- تحترق وصارت خراباً، وكما أسلفنا أنهم بدءوا في الأيام الأخيرة بإسقاط القنابل الكبيرة التي تدمر أحياء بأسرها، ولكن ليس لمثل هذه الأخبار ذكر، ولا تعرف في وسائل إعلامنا الإسلامي.
قضية المسلمين في تلك البلاد لا يعرفها الكثير من المسلمين، ومن يعرفها فإنه يجهل الكثير مما يحدث بسبب نقص تغطية الإعلام لهذه الأحداث تغطية صحيحة، ولا شك أن الإعلام يتحمل قسطاً كبيراً من نتيجة ما حصل وما يحصل للمسلمين هناك، حيث لم يتفطن لهذه القضية إلا متأخراً فكان الدعم قليلاً ومتأخراً، ولو ألقيت نظرة عابرة على معظم الجرائد لوجدت أخبار المسلمين هناك قليلة إن لم تكن معدومة، وإن وجدت فإنها توجد في أماكن لا يتنبه لها، ومع الأسف فإن هذه القضية تتصدر الصحف الغربية في ألمانيا والنمسا وغيرها، مع أن الأمر لا يعنيهم في قليل ولا كثير.
أما في صحفنا الإسلامية التي من المفترض أن تكون قضية المسلمين هناك قضيتهم، فإنهم لا يعرفون عنها شيئاً.
فالإعلام الإسلامي مع الأسف في واد، وقضايا الأمة في وادٍ آخر، وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب ولا بعيد، فأين الولاء والبراء؟ وأين هذا من ترديد الشعارات الفارغة؟ إن الناس في هذه الأيام وفي هذا الزمان صاروا يعقلون ويفهمون، ولهم عقول يميزون، فعودوا أيها الإعلاميون إلى رشدكم، واهتموا بقضايا أمتكم، فقد نبذ إعلامكم وترك: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء:227] .