الناحية العسكرية

قال الدكتور: صالح بن محمد السلطان حفظه الله: أما الناحية العسكرية فقبل أن أتكلم عن أحوال المسلمين عسكريا، أقدم ذلك بنبذة مختصرة عن القوات في يوغسلافيا وكان توزيعها على النحو التالي:- القسم الأول: الجيش النظامي ويبلغ تعداده مائتين وخمسين ألفاً، وهذا الجيش خاضع للحكومة الفيدرالية في بلغراد عاصمة صربيا وجله من الصرب.

والقسم الثاني: قوات الدفاع الشعبي في كل جمهورية، وهذه القوات تخضع لحكومة هذه الجمهورية، ولما كان الصرب يسيطرون على الجيش، فقد استولوا على جميع أسلحة الجيش، وبعد أن استولوا على جميع الأسلحة، قاموا بتوزيع جزء كبير منها على المواطنين الصرب في المدن والقرى الصربية، حتى إنهم نقلوها إلى القرى التي طُرُقها وعرة بطائرات الهيلوكبتر، فسلحوا جميع الصرب وفي مقابل ذلك نجد أن المسلمين لا يملكون شيئاً، مما حدى بحكومة البوسنة أن تبيع عليهم الأسلحة، مما اضطر بعضهم أن يبيع ما يملكه من دواب وأثاث ويشتري به سلاحاً يدافع به عن نفسه وأهله.

أما قوات الدفاع الشعبي الخاصة بكل جمهورية، -فمع الأسف- خدع الصربُ المسلمين، فقبل فترة طلب الصرب أن يقوم الجيش بحراسة مخازن الأسلحة -أسلحة قوات الدفاع الشعبي- فوافقوا في البوسنة بحسن نية، فبدأت قوات الجيش -القوات الصربية- تحرس هذه المستودعات، يحرسونها من الأمام ويحفرون الأنفاق من الخلف حتى فرغوا جميع ما فيها من الأسلحة، ولما أعلنت البوسنة استقلالها، لم يكن في حوزتها أي شيء من السلاح، في مقابل ما تملكه الصرب من الأسلحة المتطورة، التي يبلغ عدد الدبابات فقط فيها أكثر من ألفين وخمسمائة دبابة، هذه المفارقة في السلاح مع الصرب أدت إلى انهيار معنويات المسلمين وضعفها، لاسيما بعد أن تأخر وصول الإمدادات إلى المسلمين، وهذا بالطبع أدى في أول الأمر إلى سقوط عدد كبير من المدن والقرى الإسلامية، بل وصل الحال إلى أن المسلم إذا رأى دبابة ألقى بسلاحه وهرب.

بعد ذلك قام بعض الإخوة العاملين هناك في المراكز الإسلامية بالاتصال بالحكومة وحثهم على الدفاع عن بلدهم وأخبرهم بأن الأسلحة والأغذية والأدوية في طريقها إليهم، وأن عليهم أن يخبروا أفرادهم بذلك، بعد ذلك مباشرة بمجرد هذا الخبر ارتفعت معنويات الحكومة والأفراد واستماتوا في الدفاع عن بلادهم، ووصلهم بعد ذلك بعض الأسلحة التي تم شراؤها بأموال بعض المحسنين من المسلمين، ولا يخفى عليكم ولا أخفيكم ولا أكتمكم أنهم في أمس الحاجة إلى تبرعاتكم وإلى مد يد العون.

فهم في حاجة ماسة إلى سلاح يشترونه ليدافعوا به عن أنفسهم، ولما حُمِلتْ التبرعات التي تبرعتم بها أنتم وإخوانكم من المسلمين في كثير من البلاد، لما وصلت اشُتُري السلاح بعد وصولها بسويعات، ورأيناه وهو يحمل إلى داخل الجمهورية، أنا بعيني رأيته يحمل إلى داخل البوسنة بعدها مباشرة وبعد أن حصل المقاتلون من المسلمين على الأسلحة في مدينة كننس على سبيل المثال لما حصلوا على هذه الأسلحة، مباشرة بعون الله استطاعوا تحرير هذه المدينة، وأسقطوا أربع طائرات وطائرة هيلوكبتر، واستولوا على عدد من الدبابات، مع أن الأسلحة التي قدمت إليهم أسلحة بسيطة وصغيرة لا تساوي شيئاً في مقابل ما يملكه الصرب، لكن بحمد الله وبتوفيقه أمكنهم من دحر الصرب وإخراجهم من هذه المدينة.

ويقول الإخوة هناك: لو كان عندنا (10%) من سلاح الصرب لاستطعنا تحرير البوسنة خلال أيام قليلة، لكن المشكلة التي نعاني منها هي مشكلة السلاح، ولما حصلوا على المال اشتروا به مضادات للدبابات، ودمروا بها أكثر من مائة دبابة بمجرد حصولهم على نوعية من الأسلحة هي R.

رضي الله عنه.

G المضادة للدبابات، فيحتاجون إلى أموال.

وهناك من أقرضهم لكنه جعل هذا القرض مربوط بمدة معينة، إذا لم تسدد هذه الأموال فإنه لن يمنحهم سلاحاً آخر.

وأثناء مقامنا هناك حضر بعض الشباب من بعض المدن في شمال البوسنة يطلبون السلاح فلم يكن هناك شيء من السلاح لأنه حمل في الليل فوقفوا حائرين، وفي أثناء ذلك قدم بعض الإخوة المسلمين من ألمانيا وقد جمع منها التبرعات من بعض العمال المسلمين هناك، فأعطاهم عشرين ألف دولار فقط يعني ما يعادل اثنين وسبعين ألف ريال، فطاروا من الفرح وسارعوا واشتروا بها سلاحاً، وعادوا أدراجهم إلى بلادهم، مع أن المبلغ يسير جداً، لكنهم قالوا: بإذن الله سنحرر بلادنا بهذا السلاح وإن كان يسيراً.

ورأيت مع الإخوة بعض القواد وهو القائد الوحيد الذي يهاجم، أي أن جميع القواد في البوسنة من المسلمين يدافعون عن المدن البوسنوية، ورأيت هذا القائد الوحيد الذي يهاجم رأيته قد أتى لأخذ الأسلحة، وقد استطاع أن يستولي -بحمد الله- على خمسة عشر كيلو متراً في طريقه إلى سراييفو، ويقول: بقي علينا خمسة عشر فقط ونصل إلى المدينة، وإذا وصلنا إلى هذه المدينة فإن الطريق ينفتح إلى سراييفو لكن نريد الأسلحة، ونريد أن تكون الأسلحة مضاعفة، مع أن الذي حمل لهم من السلاح شاحنة واحدة وهي تفي ببعض حاجاتهم، لكن كما قال بعض الإخوان: إن ما نحصل عليه من السلاح يساوي (1.

5%) مما نحتاجه، وهم الآن يحاولون قطع الطريق الرئيسي بين صربيا وبين البوسنة والهرسك ومحاولاتهم جادة، ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفقهم لقطع هذا الطريق، ومتى قطع هذا الطريق فإن الإمدادات التي تصل إلى داخل البوسنة إلى الجنود الصرب ستنقطع ويصعب عليهم خط الرجعة، ويحاصرهم المسلمون من الجهتين، وطلبوا منا أن ننقل لكم شكرهم ودعائهم لكم على ما قدمتموه، وأن نبين لكم أنهم بأمس الحاجة إلى مساعداتكم، وأنهم قد مدوا أيديهم إلى الكثير والكثير، ولكنهم بحاجة إلى مساعدات المحسنين من المسلمين بعد أن تعذر عليهم وصول المساعدات من غير المحسنين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015