شواهد المستقبل

أما فيما يتعلق بمستقبل هذه الجزيرة فسأتحدث عنه في نقاط.

ذكرت قبل قليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم هدد جيشاً بالخسف؛ لأنه يغزو الكعبة، ويحاول أن ينتهك الحرمة، ويسيء إلى بلاد الله تعالى وأهله وحرمه، فالله عزوجل يأخذه بهذه الطريقة التي بيَّنها الرسول صلى الله عليه وسلم.

كذلك الحارث بن مالك، كما في الحديث الذي رواه الترمذي، وسنده حسن، أن النبي صلى الله عليه وسلم -بعد ما فتحت مكة- قال: {لا تغزى مكة بعد اليوم أبداً} وهذا دليل ووعد صادق من الرسول صلى الله عليه وسلم؛ بأن مكة وما حولها محفوظة بحفظ الله عز وجل، فلا تغزى -بعدما غزاها النبي صلى الله عليه وسلم وفتحها- لا تغزى إلى قيام الساعة، لا يغزوها عدو كافر، يهودي أو نصراني أو شيوعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك ووعد به.

وفى ذلك بيان لحفظ الله عزوجل لهذه البلاد ولأهلها، وأنه وإن قصرت فيهم النفقة، وإن عجزوا، وإن كان فيهم نقص في إمكانياتهم وقدراتهم المادية والعسكرية، إلا أن الله عزوجل يحفظ هذه البلاد بقوم صالحين يقومون على أمر هذا الدين، وهم جزء من الطائفة المنصورة التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث.

إذاً فجهود الأعداء الخارجيين أياً كانوا، الذين يحاولون غزو هذه الأمة، وتحطيم قوتها وإمكانيتها، سوف تذهب أدراج الرياح، وسوف تدفن في رمال الصحراء، وكذلك جهود الأعداء الداخليين أياً كانوا أيضاً، وبأي اسم تسمو، وتحت أي راية حُشِرُوا، جهودهم سوف تبوء بالفشل، وسوف يدركون في النهاية أنه ليس أمامهم إلا أحد ثلاثة أمور: إما أن يتوبوا إلى الله عز وجل، ويقلعوا عما هم عليه ويتركوا مثل هذا الأمر.

وإما أن يهربوا إلى غيرها، فإن هذه الجزيرة كالمدينة، كما ذكر هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {تنفي خبثها، وتنصع طيبها} فهي تنفي الخبث والنفاق والمنافقين، فإذا جاء الدجال وهو الفتنة الكبرى، لا يدخل مكة ولا المدينة، ويخرج إليه كل منافق ومنافقة، ولا يطيقون البقاء، ويلحقون بزعمائهم، سواء كانوا من اليهود، أو النصارى، أو القوميين أو الشيوعيين أو المنافقين أو سواهم، لا مقام لهم هاهنا، وإلا فليأذنوا بحرب من الله ورسوله، كما قال تعالى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً} [الأحزاب:60-61] .

يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد، الذي رواه البخاري: {ليُحجنَّ هذا البيت، وليُعتمرنَّ بعد يأجوج ومأجوج} إذاً البيت باق، والمدينة باقية، ومكة باقية، والجزيرة محفوظة بحفظ الله جل وعلا، وما دورنا إلا أن نعمل على أن نكون نحن المؤمنين الذين يحفظ الله تعالى بنا البلاد والعباد، فهذا هو واجبنا.

وسأتحدث عن جوانب أخرى من الموضوع في محاضرة قادمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015