الجزيرة العربية عاصمة الإسلام

روى ابن عباس رضي الله عنه، كما في الصحيحين قال: {يوم الخميس وما يوم الخميس، ثم بكى حتى بلَّ دمعه الثرى، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اشتد به وجعه، قال: ائتوني حتى أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً.

قال: فاختلفوا، ولا ينبغي عند نبي تنازع، فبعضهم قالوا: قربوا حتى يكتب لكم كتاباً.

وبعضهم قالوا: ما شأنه صلى الله عليه وسلم؟ -استفهموا- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قوموا عني، فالذي أنا فيه خير من الذي أنتم فيه، ثم أوصاهم صلى الله عليه وسلم بثلاث: الأولى: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب.

والثانية: أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم -أي: أعطوا الوفود التي تبايع على الإسلام بمثل ما كنت أعطيهم- قال الراوي: ونسيت الثالثة} والثالثة كما ذكر أهل العلم، هي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بإنفاذ جيش أسامة بن زيد، الذي وجهه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشام.

وفي حديث عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب} والحديث عند مسلم وفي رواية عند الترمذي قال: {لئن بقيت لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب} .

وعائشة رضي الله عنها تقول: [[آخر ما عهد للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا يترك بالجزيرة دينان]] .

لا يجتمع ولا يتساكن في جزيرة العرب دينان، وجزيرة العرب هي جزيرة الإسلام وجزيرة الإيمان، لا يساكنه فيها دين آخر أبداً.

وحديث عائشة رواه أحمد، وسنده حسن.

ومثله حديث أبي عبيدة رضي الله عنه: {آخر ما تكلم النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته: أخرجوا يهود الحجاز ونصارى نجران من جزيرة العرب} .

إذاً نص النبي صلى الله عليه وسلم على إخراج المشركين واليهود والنصارى، وبالذات يهود الحجاز، لأنهم كانوا موجودين في خيبر ونحوها، وكذلك النصارى كانوا موجودين في نجران، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراجهم، والحديث رواه أحمد.

وروى مالك في الموطأ عن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا يجتمع في جزيرة العرب دينان} .

هذا هو القسم الأول من النصوص الواردة في الجزيرة، وهي صريحة من أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم لهذه الجزيرة بأنها عاصمة الإسلام وبقعته، وتتميز عن كل بلاد الدنيا بهذا الحكم الخاص؛ أنه لا يجتمع فيها دينان، ولا يساكن الإسلام فيها ملة أخرى، لا شرك ولا يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية، ولا غيرها.

وما ذلك إلا لأنها المنطلق الأول والأخير للإسلام، ولأن الله عزوجل كتب أن تكون هذه الجزيرة هي الدار، كما قال الله عزوجل: {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا} [الحشر:9] .

فهي دار الإيمان وبلاده وأرضه، التي يفيء إليها، ويأتي إليها أهل الإيمان من كل مكان وفى كل زمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015