متابعة الرياضة

فئة أخرى من هذا الشباب؛ قد لا تفكر بهذا الأسلوب، وبهذه الطريقة، لكنها تعنى بجانب من جوانب الحياة واحد، وكثير من الشباب قد أصبحت الرياضة هي همه الأول والأخير، وهو من خلال الإجازة يفكر في لعب منتظم في الجري، أو السباحة، أو كرة القدم، أو الطائرة، أو السلة، أو التنس إلى غيرها، ويتابعون مثل هذه الدورات، ومثل هذه المناسبات والبرامج والجداول التي تقام، ويعتبرون أن هذا أثمن ما يضيعون فيه أوقاتهم، حتى إننا أصبحنا إذا سمعنا كلمة رعاية الشباب لا نفهم إلا الكرة.

أما أن نفهم أن رعاية الشباب تعني تربية أخلاق الشباب على معالي الأمور، لا نعرف ذلك!! أما أن نعلم أن كلمة رعاية الشباب تربية دين وعقائد الشباب، وتقوية إيمانهم بالله واليوم الآخر فإن كثيراً منا لا يعرف ذلك! إذا قيل رعاية الشباب انصرف الذهن إلى ملعب، ونادٍ، وكرة، ومدرجات، وهلم جراً! يا ليت هذه الجموع التي تجري وتلهث خلف الكرة، يا ليتها تلعب فعلاً، فربما قال قائل يربون أجسامهم، وإن كانت الأمة ليست بحاجة إلى عجول آدمية، ومهما بلغت قوة الإنسان لن يكون أقوى من الفيل، ومهما بلغ جماله لن يكون أجمل من الطاووس، لكن جسم البغال وأحلام العصافير، هذا لا يصح، ولا نريده! نريد أجساماً قوية، ونريد معها عقولاً قوية، نريد إيماناً قوياً نريد ثقافة واسعة، ونريد مستوى عاماً عالياً هذا كله نريده ويا حبذا! أما أن يكون هَمُّ الشاب أن ينصرف فقط إلى تربية جسمه فهذا لا يصلح، لكن حتى تربية الجسم لا تتحقق، فإن (99%) من الشباب الذين يركضون خلف الكرة إنما هم مشجعون فقط، قد تَلِفت أقدامهم من الجلوس في المدرجات، وتدمرت أعينهم، وتسمرت أعصابهم من النظر إلى لعب الكرة، سواء في الملاعب، أم عبر الشاشات.

أما هم لا يلعبون، هم فقط مشاهدون، يؤيدون هذا ويعارضون ذاك، ويصرخون بأصواتهم بهذا أو ذاك، ويفرحون لدخول هدف على فريق أو يحزنون بذلك! أما أن يلعبوا وتقوى أجسامهم فحتى هذا مع أنه ليس هدفاً بذاته لكنه غير موجود! ولذلك ندري وندرك أن هذه الجهود الطائلة -جهود بمعنى الكلمة جهود وكفى- هذه الجهود الطائلة لا يستفيد منها ولا يستثمرها إلا أعداد محدودة يعدون على أصابع اليد الواحدة في كل بلد ممن يلعبون فعلاً، أما بقية الجماهير فهم مشاهدون فحسب.

إذاً: مجرد العناية بجانب واحد في الرياضة لا تصلح، وأقول: لست ضد الكرة في حد ذاتها؛ إذا التزم الإنسان فيها بالأخلاق الإسلامية من التستر والبعد عن السب والشتم واللعن، والحقد والحسد والبغضاء، والتطاول والتطاحن، وكانت في حدود المعقول، فلم يضيع وقته كله في لعب الكرة ومشاهدتها، لست ضد الكرة إذا كانت بهذا الحدود، وبهذا الإطار، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى للحقيقة، وحتى يكون كلامي كلاماً يفهم بصورته الصحيحة أنه يوجد في الأندية -بحمد الله- في كل بلد نخبة من النوعية الطيبة الذين اتجهوا إلى الله تعالى، واستقاموا على الطريقة، وصلحوا وعملوا على إصلاح الأندية، وجلب المشايخ والعلماء إليها، وتحريك النشاطات الإسلامية، هذا كله صحيح وموجود وهذه جهود مشكورة، لكن يبقى الواقع الذي ذكرته يبقى هو الغالب منذ زمن، ولا يزال هو الغالب إلى الآن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015