وكذلك أذكر لكم مشهداً أو نموذجاً يعتبر نتيجة لمثل هذا، ولا أقول: إن هذا النموذج غالب وأعممه، لكنني أقول: إنه نموذج لشباب لم يتربوا التربية الصحيحة فصاروا ضحية هذا التناقض: خلال فترة الامتحان الماضية كنت أتجول بين الطلبة، فلفت نظري ماسة من ماسات الطلاب كالعادة طلابنا يملون ماساتهم بالكتابات، كتابات غير هادفة؛ لكنها في كثير من الأحيان كتابات ساذجة عادية، ليس فيها شيء، لكن هناك ماسة أصبحت مثل السبورة، فيها ألوان وأشكال وصور ورسوم، فلفتت نظري، وقلت: أريد أن أعرف عقلية هذا الشاب الذي يجلس على هذه الماسة من خلال ما يكتب.
هذه الكتابات التي أمامي في اعتقادي أنها تمثل عقله، وتربيته ومستواه الخلقي والفكري والتربوي، فماذا وجدت في هذه الماسة؟! وماذا كتب هذا الطالب؟! طالب في كلية شرعية -مع الأسف- تجد في أعلى الماسة رسم هذا الشاب قلباً قد طعنه سهم، وهذا تعبير عن أن هذا الشاب يتكلم في قضايا الحب والغرام والغزل التي يتحدث عنها السفهاء وشباب الشوارع، فهو قد رسم قلباً قد طعنه سهم الحب، تحت هذا القلب كلمة: "الحب عذاب"، وهذه أيضاً من كلمات الشوارع التي لا تستغرب أن تجدها مكتوبة في شارع، أو في مكان سيئ، لكن أن توجد في مستوى كهذا، فهذا مؤشر خطير! وتحت هذه الكلمة تجد شعارات رياضية: يعيش فريق كذا، ويسقط فريق كذا، وفريق كذا بطل العالم، وفريق كذا بطل الشرق الأوسط، وفريق كذا، وهلم جراً، وفي زاوية أخرى تجد مقطعاً من أغنية يقول: يا حبيبي سلطة العاشق كبيرة.
أنا في الواقع لم أسمع هذا البيت إلا من خلال قراءتي في هذه الماسة! يا حبيبي سلطة العاشق كبيرة.
إذاً: هذه عقلية طالب في مستوى كلية شرعية، فما بالك في طالب ثانوية أو في متوسط! هذه ثمرة وهذا نموذج وعينة من ثمرة الشباب الذين لم يوفقوا في أن يتربوا في مسجد، أو في حلقة العلم، أو في درس القرآن، أو في مركز صيفي، على يد أستاذ، أو شيخ أو معلم ناضح أو في بيت سليم، إنما وقعوا ضحية نوادي الكرة، وأجهزة الإعلام، وأصدقاء السوء، فكانت النهاية هي هذا، عقليات محدودة، واهتمامات متخلفة.