الحادي عشر: المؤتمرات العلمية تعقد حتى في البلاد العربية، ففي مصر عقد مؤتمر من أخطر مؤتمرات المنصرين، وخرج بتوصيات خطيرة، ثم في كلورادو -كما أسلفت- مؤتمر عام (1978م) ، وتوصياته طبعت في كتاب في أكثر من (1000) صفحة، وقبل شهور عقد المؤتمر السابع لمجلس الكنائس العالمي، وحضره مندوبون عن المنصرين في أنحاء العالم، والغريب أن هذا المؤتمر خرج بتوصيات من أخطرها: تعيين البابا شنودة -زعيم الأقباط المصريين النصارى- مسؤولاً عن الإرساليات التنصيرية، أو مسؤولاً عن مجلس الكنائس العالمي في الشرق الأوسط، وإعطاؤه صلاحيات كبيرة، وهذا يدل على الأهمية الكبيرة التي يمنحها المنصرون في منطقة الشرق الأوسط، والمنطقة العربية والإسلامية، ويمتلكون الدراسات، والبحوث، والمؤتمرات.
أما المسلمون -مع الأسف الشديد- لا يكادون يملكون شيئاً من ذلك.
وبشكل عام؛ فالحضارة بأيديهم، والدولة اليوم في العالم لهم، وليس سراً أن أمريكا هي امبراطوية الصليب، ومثلها بريطانيا وفرنسا، فجميع التيسيرات الحضارية، والخدمات العلمية هي تحت تصرف الكنيسة، ورهن إشارة بابا الفاتيكان؛ فضلاً عن القوة السياسية والعسكرية التي تمنح النصراني مزيداً من الثقة، ومزيداً من القوة، وقد تصيب المسلم أحياناً بشيء من الضعف، أو الإحباط، وتسبب له مزيداً من الضغوط على الدول لتسهيل مهمة النصارى في بلادهم، ودعمهم، وقمع الحركات الإسلامية المعارضة لهم باسم الدعوة إلى السلام، أو إقرار الديمقراطية، أو الأخوة الإنسانية، أو حرية الأديان.
يقول منصر كويتي: الصليب الوحيد المرفوع في الكويت هو الصليب الأحمر -صليب الإغاثة- ولكن المسيحيين الكويتيين قد اكتسبوا ثقة جديدة من الدور الذي لعبته القوات الغربية في حرب الخليج، أي: رفعت رؤوسهم.
وقد سمعنا -جميعاً- الكلام المنهزم الذي تفوه به الكثير من رؤوس الفكر، والثقافة، والصحافة، والإعلام هنا، فضلاً عن غيرهم من عامة الناس، والسذج، والبسطاء.
ومع ذلك فالكنيسة غير راضية عن أساليبها، ووسائلها؛ بل هي تسعى في تطويرها، ومراجعتها يوماً بعد يوم.
وهناك منظمة اسمها: التنصير عام 2000م، أنشأت بطلب من البابا ذاته، ولها مكتب في سنغافورة وفي أكثر من بلد، ومهمتها محاولة تطوير أساليب التنصير في العقد القادم، فهم يقولون: العقد القادم عام 2000م هو عقد النصرانية.
وفي مقابلة أجرتها جريدة تنصيرية مع الدكتور أكبر عبد الحق وهو منصر، قال: سألوه عن عدم الاستجابة واليأس الذي خالط بعض المنصرين، فقال: الذين يعملون بجهد وإخلاص وإيمان من المنصرين، فهم كمن يغرس البذرة بالتربة في الصحراء وقد تنبت يوماً من الأيام، أما الخاملون واليائسون فنحن نضعهم جانباً ولا نلتفت إليهم، ثم سألته عن سر تنصر 2000 مسلم في الهند تحت رعايته هو، فأعاد ذلك إلى أسباب منها: كثرة الإرساليات إلى الهند، ومنها: أن كثيرين منهم درسوا الإنجيل عبر المراسلة، وهذا يدل على خطورة هذه الوسيلة، وقال: لقد سلطنا عليهم النشرات المسيحية.
وعموماً، فالمنصرون يقسمون الدول إلى قسمين: القسم الأول: دول يسمونها مفتوحة، وهي التي يتمكنون فيها من طباعة كتبهم، ومنشوراتهم، وإنشاء الجمعيات الخاصة بهم، والدعوة علانية إلى مذهبهم.
القسم الثاني: يسمونها دول مغلقة وعلى رأسها السعودية، ومجموعة كبيرة من الدول وهم لا يقصدون أنها مغلقة بمعنى: أنه لا يمكن الوصول إلى قلوب الناس فيها، حتى لبنان عدّوها من الدول، المغلقة، وبعض الدول الأخرى، يبدو أنهم يطمعون في أكثر وأكثر مما هم عليه الآن!! فبالنسبة للدول المغلقة فلا شك أنهم يسعون إلى أهداف التنصير السابقة التي هي: إخراج الناس من دينهم، ولكنهم يركزون على ما دونها من الأحكام، مثل: تحسين تصور الناس عن النصرانية، ونشر الأفكار العلمانية، ونشر الفساد والإباحية، وتكثيف النصارى، والتأكيد على ضرورة حرية الأديان، ومن أعظم مطالبهم: استحداث قوانين في تلك الدول تسمح للإنسان أن يتدين بما شاء، فلا تقيم عليه حد الردة إذا كفر؛ لإنه يقول بحرية الدين، فيتدين بما شاء، فهي تسعى إلى تدعيم دعوتها من خلال استحداث قوانين تسمح بذلك، ولو على الأقل بإيجاد مواطنين يستقرون من دول أخرى بغير الدين الذي منه تلك الدولة، حتى يقطعوا ويزيلوا أن تكون الدولة من دين واحد.
فالصومال -مثلاً- البلد الأفريقي الوحيد الذي لا توجد فيه أقلية، فكل سكانه مسلمون، مع ذلك أقامت فيه النصرانية أربع كنائس في العاصمة ذاتها، وسعت إلى تغيير القانون؛ بحيث يتيح للإنسان أن يتنصر، فهم يسعون إلى عمل ذلك في العالم كله دون استثناء.
-إذاً- الأهداف تختلف من بلد إلى آخر، ومن دولة إلى أخرى، ولكن الوسائل واحدة: تنوعت الأسباب والموت واحد