الصفة الخامسة: الاعتدال

ومن الأخلاق والصفات التي ينبغي أن تهتم بها الداعية: الاعتدال في كل شيء، ومن الاعتدال: الاعتدال في مشاعرها بين الإفراط والتفريط.

فنحن نجد من بعض الأخوات من تكون جافة في عواطفها ومشاعرها، فلا تتجاوب مع الأخريات، ولا تبادلهن شعورًا بشعور، وودًّا بود، ومحبةً بمحبة، أو تبتسم في وجوههنَّ، وترى أن جديَّة الدين وجدية الدعوة تتطلب قدرًا من الصرامة والوضوح والقسمات الحادة، وهذا أمر-بلا شك- غير مقبول: {وتبسمك في وجه أخيك صدقة} كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، ونقول للمرأة أيضاً: وتبسُّمُكِ في وجه أختكِ صدقة أيضاً؛ فالحكم عام.

وبالمقابل هناك من النساء ومن الأخوات من تبالغ في المشاعر، وتبالغ في إغراق الأخريات بمشاعر قد تصل أحيانًا إلى حد الإفراط، فتجدين أن من الأخوات من لا تصبر عن فلانةٍ ساعةً من نهار، فإذا ذهبت إلى بيتها بدأت تتصل بها بالهاتف، وتكلمها الساعات الطوال، وربما خلت بها أوقاتًا طويلة، تبث إحداهنَّ إلى الأخرى مشاعرها وهمومها وشجونها؛ بل ربما تغار إذا رأت أخرى تجالسها أو تحادثها تغار منها لأنها تريدها لنفسها فقط!!.

وهذا نوع مما يسمى بالإعجاب في أوساط البنات، فضلاً عن قضية المحاكاة والتقليد، أي أنها تقلدها في كل شيء: في حركاتها وسكناتها، وفي طريقة كلامها، وفي لباسها، وفي حذائها، وفي حركة يدها… في كل شيء تقلدها.

ولاشك أن ذوبان شخصية البنت في أخرى-ولو كانت داعيةً- ضياع؛ لأن الله عز وجل خاطب كل إنسان بمفرده: {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم:93-95] وقال سبحانه: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} [الشمس:7-10] .

فينبغي أن تشعر المسلمة باستقلاليتها، وأنها لا يجوز أن تذوب في شخصيةٍ أخرى، فإن لها استقلاليتها، ولها مسئوليتها، فهي موقوفة بين يدي الله تعالى يوم القيامة بذاتها وبمفردها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015