حال الموسوسين في العبادات

ولو قارنت ذلك بحال كثير من الموسوسين الآن لرأيت العجب العجاب.

هذا سيد البشر صلى الله عليه وسلم، وهذا تيسيره في أمر العبادة، في أمر الطهارة والصلاة والحج والزكاة والصوم وغيرها، وبعده عن ألون التكلف في ذلك.

أو تقارنه بحال الغلاة من المتصوفة وغيرهم، وما يذكر عنهم من طول التعبد فيما يزعمون، وما هي بعبادة، أو ما يذكر عنهم من الأحوال وغيرها.

أو تقارنه بحال الخوارج، الذين هم كما قال عنهم عليه الصلاة والسلام: {يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم، وقراءته إلى قراءتهم، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية} وقد آل بهم الأمر إلى تكفير المؤمنين، بل تكفير بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن هؤلاء القوم غلوا في العبادة، ولم يفهموا معنى التيسير في الإسلام، فكانت عندهم جرثومة تعظيم ورؤية النفس والاغترار بالعمل.

أما صاحب المعصية -مثلاً- فعلى رغم معصيته هو خير منهم، لأن صاحب المعصية لا يقوم في نفسه دافع الغضب من المعصية والمقت لأهلها، ولا يقتنص النصوص من أجل أن يكفر فلاناً وفلاناً، بل تجده متواضعاً لله عز وجل، ولهذا ربما يكون الإنسان الذي عنده قدر من العبادة خيراً من الإنسان الذي بالغ في التعبد إذا صاحب تعبده اغترار، أو إعجاب، أو رؤية النفس، أو يظن أنه بذلك استحق الجنة، كلا! بل عبادة قاصدة معتدلة، مع تواضع لله عز وجل واعتراف بأن النعمة منه، وأن العبد لو قضى حياته كلها في سجدة واحدة ما أدى شكر نعمة الله عز وجل، بل العبادة من نعمه، والإيمان من نعمه، والشكر من نعمه، وكما قيل: إذا كان شكري نعمة الله نعمة علي له في مثلها يجب الشكر فكيف أقوم الدهر في بعض حقه وإن طالت الأيام واتصل العمر عدم السؤال الافتراضي؛ لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يسمح بأن يفترض الناس أسئلة خيالية، ثم يسألون عنها، وكره النبي صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها كما في صحيح مسلم.

فالأصل في الأشياء الطهارة، في المياه والبقاع والثياب وجميع الأشياء، ولذلك كان يلبس الثياب التي نسجها المشركون، ولا يلزم أن يغسلها، بل أجمع المسلمون عل جواز لبسها دون أن تغسل، وكان أصحابه يلبسون من الثياب الرومية وغيرها، ولا يقال عن شيء إنه نجس إلا بدليلٍ ظاهرٍ قاطع على نجاسته.

ولهذا استعمل الرسول صلى الله عليه وسلم آنية المشركين، وأكل فيها وشرب منها، كما في الحالات التي دعوه فيها إلى بيوتهم، وكما إذا سيطر المسلمون على أرض، أو غنموا شيئاً من الغنائم من المشركين، كالملابس أو الأواني أو غيرها، كانوا يستعملونها دون غسل، بل توضأ النبي صلى الله عليه وسلم من مزادة مشركة، كما في حديث عمران وأصله في صحيح البخاري، إلى غير ذلك.

عدم السؤال الافتراضي: لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يسمح بأن يفترض الناس أسئلة خيالية، ثم يسألون عنها، وكره النبي صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها كما في صحيح مسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015