عمرو بن عبسة

مثال آخر: عمرو بن عبسة رضي الله عنه، كان في الجاهلية يعرف أن الناس ليسوا على شيء، ويكره الأصنام، فسمع ببعثة رجل في مكة يقال له: (محمد) صلى الله عليه وسلم، فجاء إليه يتصنت الأخبار ويتسمعها، وقد ورد هذا الحديث في البخاري ومسلم {فلما لقيه قال: ما أنت؟ قال: أنا نبي.

قال: وما نبي؟ قال له: أرسلني الله.

قال: آلله أرسلك؟ قال: نعم.

قال: بماذا بعثك؟ قال: بأن يُعبد الله وحده لا شريك له، وتُهجر اللات والعزى، وتُكسر الأصنام، وتُوصل الأرحام} فهذه خمس كلمات يمكن أن يحفظها أصغر الناس وأقل الناس ذكاءً، يحفظها العجمي ولو كان لا يحفظ اللغة العربية، فخرج من عنده داعية، قال: {إني أريد أن أعلن الإسلام، قال: لا.

لا تستطيع ذلك يومك هذا -لأنه -عليه السلام- كان مستخفياً بمكة، وقومه عليه جرآء- قال: ولكن اذهب إلى قومك، فإذا سمعت أني قد ظهرت فأتني} .

فلما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهاجر إلي المدينة، جاءه عمرو بن عبسة بعد زمان طويل ربما عشر سنوات أو أكثر، فلما لقي النبي صلى الله عليه وسلم، قال: {أتعرفني؟ قال: نعم، أنت الذي أتيتني بمكة، قال: نعم} فهذه البساطة - إن صح التعبير - والبعد عن التعقيد في تعليم الدين.

بُعِثَ بالعبودية لله وحده لا شريك له، وأن تهجر الأوثان، لا لات ولا عزى ولا مناة ولا هبل، وأن يُوحَّد الله، وأن تُوصل الأرحام، وتُكرم الضيوف، ويُحسن إلى الفقير والمسكين وابن السبيل، فهذه هي الصورة الواضحة النقية لدعوة التوحيد التي كان يدعو إليها النبي صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015