إن الدين واضح ليس فيه غموض ولا حواجز تحول بينه وبين الناس، كأي عِلمٍ آخر حينما يقدم للناس سهلاً بسيطاً، بعيداً عن التعقيد والإطالة وغير ذلك، وأن يُحشى بأمور ليس لها علاقة بالدين، فالعقيدة واضحة سهلة والدعوة كذلك، وعموماً لاشك أن هذا الأمر الذي كان موجوداً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ما دُعِيَ أحد إليه إلا قبله.
ولكن كثيراً من الناس وضعوا أثقالاً وأغلالاً بين الناس وبين الدين، فأصبح الكثيرون يعتقدون أن هناك صعوبة في تدين الإنسان والتزامه واستقامته، لماذا؟ لأننا بمحض إرادتنا واختيارنا -وأحياناً باجتهادنا- نضع عقبات أمام الناس، تحول بينهم وبين الالتزام، وأضرب لذلك مثلاً: الصوفي -مثلاً- الذي يقول لمن يريد الإسلام: لا يمكن أن تكون مؤمناً حقاً حتى تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، ومع ذلك لا بد أن تتبع شيخنا، وتكون مريداً له، وتتابعه فيما يريد، وتصدقه فيما يقول، وتحضر درسه مثلاً، هذا أضاف إلى الدين تعقيداً ليس من أصل الدين حال بين الناس وبين الدين.
كذلك المتعصب لمذهب من المذاهب الفقهية، والذي يقول لأي مسلم جديد: لا يمكن أن تكون مسلماً حقاً إلا إذا آمنت بالله ورسوله، وأيضاً اعتقدت بأن مذهب الشافعي -رحمه الله- هو الحق، واتبعته في الفروع كلها، أو مذهب أبي حنيفة -رحمه الله- أو مالك -رحمه الله- أو غيرهم، فأضفنا شيئاً جديداً ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وما أمر به، ولا ألزم به أحداً من الناس، وكان يمكن أن نقول لأي مسلم جديد: لا نحتاج إلى أحد من الناس، يكفيك أن تكون تابعاً لإمام الأئمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فيكفيك القرآن، والحديث، فتقرؤه وتعمل بما فيه، فقد نزل للفيلسوف في صومعته، ونزل للعالم في مختبره، ونزل للذكي شديد الذكاء، والعبقري، كما نزل للغبي الذي ربما لا يفهم من الأمور إلا القليل، ونزل للعربي كما نزل للعجمي.