وللمداولة حكم وأسرار منها: أولاً: تحقيق عدل الله تعالى بين الأطراف، فالمقصر ينال جزاءه أياً كان.
ثانياً: تمحيص الله تعالى للمؤمنين، سواء تمحيصهم بإزالة العيوب والأمراض الموجودة فيهم أم تمحيصهم بتكفير السيئات عنهم، أم تمحيصهم بإزالة المنافقين من بين الصف المسلم.
ثالثاً: أن يتخذ الله تعالى ويصطفي ويجتبي من المؤمنين شهداء، كما قال: {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} [آل عمران:140] يختارهم إلى جواره ويرفعهم إلى أعلى المنازل، ولهذا قال هرقل لـ أبي سفيان: "هل قاتلكم الرسول عليه الصلاة والسلام؟ قال: نعم، قال: فكيف الحرب بينكم وبينه؟ قال: سجال؛ ينال منا وننال منه، أو يدال منا وندال منه، فقال له هرقل: كذلك الرسل تبتلى ثم تكون لها العاقبة".
إذاً المداولة توحي بالحركة الدائمة والتجدد والأمل، وأن الأيام ليست ملكاً لأحد من الناس، إنما هي ملك لله تعالى، ولهذا قال الله تعالى: {وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار} فالأيام ليست ملكاً لأحد من البشر، ولا داعي لليأس والهزيمة، فمن هم الآن في القمة وسوف تنتهي بهم السنن الكونية إلى الحضيض، ومن هم في القاع سوف تصعد بهم أعمالهم الصالحة وفق السنن الإلهية الكونية بإذنه تعالى إلى القمة وإلى القوة.