أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن بقاء الجهاد في أحاديث أخرى، تكاد أن تصل إلى حد التواتر، بل هي متواترة منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة} وفي روايات {الأجر والمغنم} يعني: الخير الموجود في الخيل هو الأجر للمجاهد، والغنيمة التي يحصل عليها من عدوه وهذا الحديث ثبت عن جماعة من الصحابة، في الصحيحين والسنن وغيرها، وهو حديث متواتر, وهو يدل على بقاء الجهاد, فإن الخيل آلة من آلات الجهاد, وبقاؤها يدل على بقاء الجهاد، وليس المقصود الخيل فقط, بل إما أن يكون المقصود كل آلة تستخدم للجهاد، في كل عصر بحسبه, فحين كان الخيل آلة الجهاد، وفي حين آخر يكون الجهاد بالمدفعية والدبابة والطائرة والصاروخ, وحيناً يكون الجهاد بوسائل أخرى, وقد يعود الأمر، ويعود في آخر الزمان إلى أن تكون الخيل والسلاح الأبيض -كما يسمى- هو آلة الجهاد، ولذلك جاء في أحاديث الملاحم التي تقع قبل قيام الساعة أنهم يقاتلون بالخيول والسيوف، مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم في أحد الأحاديث لـ مسلم قال: {بينما هم علقوا سيوفهم بشجر الزيتون} يعني: المجاهدون الذين فتحوا القسطنطينية قد علقوا سيوفهم بشجر الزيتون {فصاح بهم صائح أن الدجال قد خلفكم في أموالكم وأهليكم} وفي حديث آخر لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الشرطة الذين يشترطون على الموت، ويقاتلون الروم, قال: {إني لأعرف أسماءهم، وأسماء آبائهم، وألوان خيولهم} , فبين الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم على الخيول، فهذا لا يمنع أنه في آخر الزمان تعود الأمور إلى ما كانت, وليس ببعيد أن تتغير أوضاع البشر، وأن تتغير هذه الحضارة التي تهيمن عليها, ولو بعد مئات السنين، أمور الله أعلم بها، فهي قضايا في علم الغيب لا يعلمها إلا الله, لكن ليس بمانع أن يحدث هذا, ويعود الناس للقتال بالسيوف والخيل، وغيرها من الوسائل القديمة.
وبعض أهل العلم يقول: هذا تعبير عن الوسائل التي تستخدم في كل عصر، ولو لم يكن المقصود به السيف أو الخيل, المهم أن قوله عليه الصلاة والسلام: {الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، الأجر والمغنم} يدل على بقاء الجهاد؛ لذلك قال الإمام الترمذي قال الإمام أحمد: فقه هذا الحديث أن الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة مع البر والفاجر.
وكذلك الإمام البخاري بَوَّبَ في صحيحه على هذا الحديث بقوله: باب الجهاد ماضٍ مع البر والفاجر.