لن يقوم بأمر هذا الدين، ويرفع رايته، ويجاهد في سبيله، إلا الواثقون بنصر الله جل وعلا، الواثقون بوعده، المطمئنون إلى مستقبل الإسلام, هذه القضية يجب أن تستقر في نفوسنا, ومن بديع بلاغ النبي صلى الله عليه وسلم في إخباره لنا في بقاء هذا الدين، وأن المستقبل له, وأنه خالد إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها, أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا في أحاديث كثيرة ببقاء الجهاد في سبيل الله إلى قيام الساعة.
الجهاد المسلح -مثلاً- في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد فتح مكة: {لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا} , هذا الحديث يؤكد بقاء الجهاد, وفي المقابل أن الهجرة من مكة إلى المدينة انتهت بفتح مكة، حيث أصبحت دار إسلام, فإن الجهاد باقٍ، لذلك قال: {ولكن جهاد ونية} , أي: أن الجهاد باقٍ والنية باقية, وكما أن عبادة الله تعالى بالنية الصالحة والقصد الحسن باق, فكذلك الجهاد باقٍ, باقٍ من حيث التشريع، بمعنى أنه غير منسوخ, ولا يستطيع أحد أن ينسخ الجهاد, لا حاكم، ولا رئيس، ولا سلطان، ولا أمير، ولا ملك، ولا هيئة، ولا مؤسسة، ولا جهاز، ولا ميثاق الأمم المتحدة، ولا غير الأمم المتحدة, لا يستطيع أحد أن ينسخ شرعية الجهاد، التي فرضت بنصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة المحكمة، التي لا يرتاب فيها أحد.
لذلك لو أنكر أحد فرضية الجهاد وشرعيته, فإنه يبين له، فإن أصرّ فإنه يقتل كافراً بالله العظيم؛ لأن الجهاد من الشرائع الظاهرة المتفق على مشروعيتها على سبيل الإجمال، فالجهاد باقٍ من حيث التشريع، كما أنه باقٍ من حيث الواقع, فإن هذه الأمة لا يمكن أن تفقد المجاهدين أو الداعين إلى الجهاد, بل شأن هذه الأمة كما قال الأول: إذا مات فينا سيد قام سيد قئول لما قال الكرام فعول