Q فضيلة الشيخ: نقرأ ونسمع الأحاديث والقصص الثابتة والصحيحة عن أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد نحفظها عن ظهر قلب، ولكن تبقى المشكلة في تجسيد تلك الأخلاق في واقع المسلم اليومي، فما السبب وما هي الوسائل لتحقيق ذلك؟
صلى الله عليه وسلم هذا جانب من الإسلام، وجانب من حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، جانب الأخلاق، وكل الإسلام، لو نظرت في القرآن الكريم ونظرت في السنة ستجد أنها بالنسبة لواقعنا الذي نعيشه أقرب إلى المثل منها إلى الواقع، بسبب تخلف المسلين قروناً طويلة، وعوامل عديدة أثرت فيهم حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه، فالأسباب كثيرة، وليس هذا مجال لذكرها؛ لأن الأخلاق -كما ذكرت- جزء من الإسلام، وجزء من تعاليم القرآن، فما أصابها هو جزء مما أصاب القرآن من كونه لم يبق منه عند كثيرٍ من المسلمين إلا رسمه، وجزء من مصيبة الإسلام في كونه لم يبقَ منه عند كثيرٍ من المسلمين إلا اسمه.
فالأسباب هي الأسباب، أما الوسائل: فلقد أشرت إلى شيءً منها، ولعل من المهم أن ندرك جميعاً أن الخير يعدي، والشر يعدي فإذا وجد عندنا جميعاً الرغبة أكيدة لإصلاح أخلاقنا والارتفاع بمستوانا إلى المنزلة التي يحبها الله تبارك تعالى لنا ويرضاها؛ فإنه سيحصل لنا من ذلك شيء كثير، وسيرانا غيرنا ويقولون: ليتنا فعلنا ما فعل فلان وفلان، فيتمنون هذا الخير وما يزالون حتى يرتقوا إلى المستوى ذاته، ولذلك تجدون اليوم -بحمد الله- بسبب وجود الإقبال على الخير في أوساط الشباب؛ أن الأمر أصبح يتناهى حتى لدى كثيرٍ من الأوساط التي لم يكن يُظن أن يبلغها من كبار السن، ومن الناس الموغلين في الانحراف، ومن أصحاب الاتجاهات الفكرية المنحرفة وغيرهم، وكذلك الشر يتنامى فحين ينتشر -مثلاً- داء ذميم سواء أكان جسدياً أم خلقياً بين الناس؛ تجد أنه ينتشر كانتشار النار في الهشيم حتى يصبح عند الناس أمراً مشهوراً مألوفا بينهم، فعلينا أن نحرص على أن نكون مفاتيح للخير مغاليق للشر، وعلى أن ننشر بين الناس -حيث حللنا- الدعوة إلى الخلق الحسن، والدعوة إلى الإسلام كله دون تفريقٍ بين أجزائه.