تستطيع أمريكا أن تلون غزوها كما تشاء، لكن هذا التلوين لا يعدو أن يكون ورقة التوت ليس أكثر، الديمقراطية المزعومة هي ضربٌ من الخيال، ليس لأن العراقيين ألفوا الاستبداد مثلاً، فهم قادرون على تجاوز هذا، لكن لما قد يحدث من الفوضى أولاً، وهذا متوقع بل نحن نراه اليوم في بغداد وفي الموصل وفي البصرة وفي غيرها من مدن العراق، ولأن أمريكا جاءت لتبقى، وليس مهماً عندها شكل الحكام أو نوع الحكم بقدر أهمية ضمان ولاء المقيمين في بغداد لها ولمصالحها.
العراقيون وإن كانوا غير متعاطفين مع النظام السابق، إلا أنهم يكنون كرهاً أكبر لأمريكا، خصوصاً منذ فرضت عليهم الحصار على مدى أكثر من ثلاث عشرة سنة، وقتلت من أطفالهم ما يزيد على مليوني طفل بسبب الأمراض التي لا تجد لها شفاءً، إضافة إلى شعورهم الوطني المعروف، فهم من أول من ثار على الاستعمار البريطاني.
تفيد التقارير الأمريكية أنه سوف يكون على أمريكا نشر ما يزيد على خمسة وسبعين ألف جندي للحفاظ على الاستقرار في العراق على مدى سنة كاملة على أقل تقدير، إضافة إلى الحاجة الماسة إلى وجود أكثر من خمسة آلاف جندي على مدى خمس سنوات في العراق.
إذاً: الديمقراطية نموذج هش، يمكن أن يوجد منها في العراق ما هو مفصلٌ على وفق المصالح الأمريكية، ما يحقق للناس الحرية الشخصية، وما يحقق لهم المتعة العاجلة، وقدرٌ من المشاركة يضمن استقرار البلد ليس أكثر.