التسرع في التحليل والتحريم

السؤال يقول: كثر في الوقت الحاضر بين الناس إطلاق حكم التحريم والتحليل على كل مسألة يدور حولها النقاش، بدون تورع في إطلاق مثل هذه الأحكام.

ما حكم من يدع للسانه إطلاق مثل ذلك دون دعم ما يقول بدليل صريح صحيح؟

صلى الله عليه وسلم والله هذه صراحة من الكوارث، ومن المصائب، فإِنَّ كثيراً من الناس من أهون الأمور عليه وأسهلها أن يقول: حرام، أو يقول: جائز، دون أن يملك في ذلك دليلاً، ونحن نعلم وجود أشياء، الأصل فيها الإباحة؛ كالأطعمة والأشربة والمأكولات -مثلاً- والعقود وغيرها، فالأصل فيها الجواز والإباحة، وإذا قال لنا إنسان هذا الطعام -مثلاً- حرام؟ عليه أن يأتي بالدليل.

وهناك أشياء الأصل فيها المنع، إلا أن يأتي إذن من الشرع، ومن قال بأنها جائزة أو مشروعة؛ فعليه أن يأتي بالدليل، وذلك مثل العبادات.

لو أن إنساناً قال: هناك عبادة معينة يشرع للإنسان أن يفعلها، أو جائز أن يفعل الإنسان كذا.

نقول له: عليك أن تأتي بالدليل، لأن الأصل أنه لا يعبد الله إلا بما شرع.

ومثل ذلك أيضاً مسألة الفروج الأصل فيها المنع وهكذا.

فالمهم أن الإنسان لا ينبغي أن يتسرع في إطلاق لفظ التحليل والتحريم إلا بأحد ثلاثة أمور: إما آية ظاهرة من كتاب الله تعالى، وإما حديث صحيح صريح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو إجماع قائم عن أهل العلم، أو أن يكون هذا الإنسان ينقل كلاماً عن غيره، فيقول: سمعت الشيخ فلاناً يقول عن هذا الأمر: إنه مُحَرَم، بعد أن يتيقن أنه فهم كلام الشيخ وفتواه على وجهها.

فكونك تنهى عن الشيء، أو كونك تقول: الأولى تركه، أو الأحوط تركه، أو لا أرى فعله، أو لعله كذا فهذا لا بأس به.

أما التسرع في قضية حرام، ولا يجوز.

وتقول: الناس لا يرتدعون إلا بهذا، لا يا أخي حرام، فقد قال تعالى في القرآن الكريم: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [النحل:116] ؛ فالذي يحلل ويحرم هو الله تعالى في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.

حتى إن بعضهم يفهمون كلام أهل العلم خطأ، فقد يفتي العالم في مسألة بكلام لا يقول فيه لفظ حرام، وقد ينهى.

مثلاً: أحد العلماء أصدر فتوى عن قضية النقاب، وقال: إننا لا نرى أن تلبسه المرأة -مثلاً-؛ لما يقع من الفتن وما أشبه ذلك.

فقد يقرأ الشاب هذه الفتوى، ثم يفهم منها التحريم القطعي، وبالتالي يطلق لفظ التحريم في كل مناسبة أن لبس النقاب حرام ولا يجوز وأن التي تلبسه آثمة، معتمداً على فتوى قد لا يكون فيها هذه العبارات التي استخدمها هو، لكن يكون فيها التحذير لوجود مفاسد لاحظها المفتي في هذا الأمر في واقع معين، أو في ظرف معين.

فليتقِ الإنسان ربه، ولا يتسرع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015