السؤال يقول: أنا شاب أبلغ من العمر (23) سنة، متمسك بالدين -ولله الحمد- وحالتي الأخلاقية مرضي عنها، ومحافظ على شعائر الدين الواجبة والمسنونة.
وسؤالي: أنني لا أتذوق للإيمان طعماً في قلبي، ولا أستشعر مذاقه في قرارة نفسي، وأرى الصلاة لا تبعدني عن بعض المعاصي: كالنظر إلى النساء سواء حول المسجد، أم في السوق.
وأرجو أن توضح لي كيفية الاهتداء إلى لذة الإيمان الحقيقية؟ كاللذة التي يشعر بها الرجل الفقير الذي قال: لو يعلم الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف؟
صلى الله عليه وسلم أولاً: يجب عليك أن تسأل نفسك! هذا الرجل الذي قال هذه الكلمة قالها بعد كم، بعد يوم وليلة؟ لا.
قالها بعد عمر طويل من المجاهدة والصبر، وأنت ترى الآن الإنسان مثلاً: لا يحصل على متاع من متاع الدنيا إلا بجهد جهيد.
مثلاً: حتى تحصل على شهادة الجامعة، تحتاج إلى أن تدرس ست سنوات في الابتدائي، وثلاث في المتوسط، وثلاثاً في الثانوي، وأربع في الجامعة، أي ستة عشر عاماً حتى تحصل على ورقة ووثيقة تثبت أنك خريج جامعي، وتتوظف بمبلغ (ستة آلاف أو خمسة آلاف ريال.
فكيف تطمع في الحصول على لذة الإيمان التي فيها سعادة الدنيا والآخرة، لمجرد أنك تصلي لله تعالى بعض الصلوات، أو تؤدي بعض النوافل وبعض المسنونات، هذا لا يكفي بل عليك أن تواصل الطريق وتستمر وتثق بالله عز وجل ولا تتلفت يمنة ولا يسرة كما قال الشاعر: فلا تلتفت هاهنا أو هناك ولا تتطلع لغير السماء ثم أحذرك كثيراً من أن تنظر إلى عملك.
وتقول: أنا مثلاً متمسك بالدين، وحالتي الأخلاقية مرضي عنها، ومحافظ تماماً على شعائر الدين الواجبة والمسنونة.
هذا ليس بصحيح، قد تكون تحافظ على بعض الشعائر الواجبة، أو على كل الشعائر الواجبة، وعلى بعض الشعائر المسنونة، أما تماماً على كل الشعائر الواجبة والمسنونة؛ فهذا مستبعد جداً ولكنك إن شاء الله على طريق الهداية وعلى باب خير، وعليك أن تصبر وتدمن طرق الباب حتى يفتح لك.