كثرة المزاح بين الأصدقاء:

وهذا قد يترتب عليه في كثير من الأحيان تغير النفوس والتساخط؛ نتيجة لكلمة خرجت من فم الإنسان دون أن يحسب لها حساباً, أو ضربة غير مقصودة من أخٍ لأخيه, أو ما أشبه ذلك, فضلاً عن أن كثرة المزاح هو إضاعة للوقت في غير طائل, وذهاب للحشمة بين الأحبة.

وهناك خطر تربوي يقع نتيجة لكثرة القرب وكثرة المزاح, وقد لا أملك أن أعبر عنه تعبيراً دقيقاً أو أن أضع النقاط على الحروف, لكنني سوف أحاول أن أقربه لكم ما استطعت, وذلك أن كثرة المزاح والاحتكاك بالأجسام بين المتحابين وخاصة حدثاء السن، وبالأخص حين يكون فيهم ظرف وخفة, يترتب عليها في كثير من الأحيان نوع من تقارب العواطف والابتذال, بحيث يشعر الإنسان من نفسه، أنَّ مزاحه واحتكاكه بإخوانه وأصدقائه؛ يعود عليه بالضرر, ويثير فيه مشاعر غير طيبة, أو عواطف منحرفة, فالحذر الحذر خاصة ونحن نعيش في عصر كثرت فيه المثيرات التي تخاطب شهوة الإنسان, وتخاطب جانبه الحيواني, فالإنسان يجد المثيرات في البيت وفي الشارع، وفي المكتبة وفي البقالة وفي كل مكان, فهناك شحنة معينة قد تساعد على تقارب العواطف بصورة غير مرضية, في مثل الصورة التي أشرت إليها.

وهذا الأمر -كما قلت- يجده كثير من الناس أو بعض الناس في بعض الحالات, فحين يجد الإنسان مثل هذه العاطفة، قد تحركت نتيجة مزيد القرب، على الإنسان حينئذٍ أن يبتعد بعض الشيء, ولا يعني هذا أن الإنسان يبتعد بالكلية عن أصدقائه أو يجفوهم, لا, إنما عليه أن يبتعد مسافة تضمن للإنسان استمرار صلته بأصحابه وأصدقائه، وتضمن له السلامة من هذه العواطف المنحرفة التي أشرت إليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015