تفسير آية (واصبر لحكم ربك)

والصبر هو الحبس -كما هو معروف- وهو ثلاثة أنواع أيضاً، وهو واجب، فمنه قدر واجب، وقد أمر الله نبيه بالصبر لحكمه، والحكم نوعان -حكم الله عز وجل- الأول منه: الحكم الشرعي بالتحليل والتحريم، والإيجاب والأمر والنهي، والصحة والفساد ونحوها، فهذا وضع الشريعة وهذا حكم الله فيجب الصبر له والقبول به وعدم الاعتراض على أمر الله عز وجل، وهذا معروف فليس من حق أحد أن يعترض على أمر الله وشرعه عز وجل في كتابه أو على لسان رسله عليهم الصلاة والسلام، فهذا حكم بين وهو حكم الله.

الحكم الثاني لله عز وجل: هو الحكم القدري المتمثل في حكم الله عز وجل بالإيجاد والإحياء والإماتة والرزق وغير ذلك مما تجرى به المقادير غير ما جاء في الشرائع، أمور قدرها الله عز وجل وحدثت وخلقها عز وجل، فهذه أيضاً يجب الصبر لها؛ لأنها قد تجرى على خلاف ما يحب الإنسان.

من فقر ومرض أو هزيمة أو ضعف أو معصية أو غير ذلك، فيصبر العبد لقضاء الله وقدره إذا وقع وتحقق ذلك.

أما مسألة المعصية سواء أكانت معصية أم كفراً فقد سبق الكلام في موقف المؤمن منها وأنه يكره هذه الأشياء، ويجب عليه أن يكرهها ويكره وقوعها، وإن حدثت فعلاً وعُلم أنها حدثت بقضاء وقدر، إلا أنها مما يكرهه الله تعالى فقال: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر:7] .

فواجب على المؤمن أن يكره ما يكرهه الله تعالى من الأقوال والأفعال وغيرها، هذا معنى قوله: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} [الطور:48] يشمل الحكم الشرعي ويشمل الحكم القدري.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015