Q كيف نواجه المشكلات القائمة بين بعض المسلمين، بسبب [الخلافات الفقهية] أو ببعض [المفاهيم المكتسبة] مما تؤدي -أحياناً- إلى تبادل التهم بالتشدد أو العكس أو غير ذلك؟ وكذلك هذا يؤثر على المسلمين الجدد الداخلين في الإسلام سواءً من الغرب أم من غيرهم؟
صلى الله عليه وسلم الخلاف الفقهي -يا أخي- يمكن أن يقسم إلى قسمين أيضاً:- القسم الأول: خلاف مبني على اجتهاد في الدليل الشرعي: فهذا مثل الخلاف الذي وقع بين الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وسلف الأمة، وكذلك الخلاف القائم بين المذاهب الفقهية الإسلامية المعروفة، المذاهب الأربعة وغيرها، والخلاف المبني على الاجتهاد في الدليل، مثل: اختلافهم في مسائل الطهارة، والصلاة، والزكاة وفي غيرها، بناءً على وجود أدلة شرعية لكل واحد منهم قد يفهمها بوجهٍ آخر، أو الدليل يصح عند هذا ولا يصح عند هذا، فمثل هذا الخلاف إذا اجتهد الإنسان وسعه إلى الوصول إلى الحق وتحري الصواب، فإنه إن شاء الله على خير -أصاب أم أخطأ- فهو إن شاء الله مأجور ومعذور.
القسم الثاني: الخلاف المبني على مجرد التقليد، كأن هذا يقلد شخصاً، وهذا يقلد شخصاً آخر، فلا شك أن الأصل أنه مذموم؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الأعراف:3] والواجب على المسلم المستطيع أن يتحرى في معرفة الأحكام الشرعية، فإن كان فقيهاً وعالماً تحرى في الأدلة والنظر في الأدلة، والتصحيح والتضعيف والاستنباط، وإن لم يكن كذلك فإنه يتحرى في اختيار القول الذي يأخذ به من الأقوال الفقهية، فلا يأخذ أقوال إنسان مهما كان أصاب أو أخطأ، وسواء أوجد معه دليل أم لم يجد معه دليل، بل على أقل تقدير أن يسأله عن دليله، ويحاول أن يتفهم هذا الدليل بقدر المستطاع.
وحتى إذا وصل الأمر إلى أن يقلده دون أن يفهم دليله، فهذا المستوى من التقليد لا يبيح له أبداً أن ينتقد الآخرين الذين خالفوه، أي لو فرضنا أن قلنا: إن التقليد ضرورة بالنسبة لفلان من الناس -مثلاً- لأنه لا يستطع إلا التقليد، فبهذه الحالة لا يتعدى الأمر أن هذا المقلد يطالب الآخرين -أيضاً- أن يقلدوا من يقلد، وأن ينتقد الذين يخالفونه في المسلك، أو في الاجتهاد، أو الذين ينظرون في الأدلة، وأيضاً ينبغي أن يكون ذلك كله بعيداً عن التراشق بالتهم والسباب والشتام وغير ذلك، وترديد العبارات التي نسمعها كثيراً من الدوائر الأجنبية، أو من الأجهزة المعادية للإسلام، أن هذا متشدد وهذا غير متشدد، وهذا معتدل وهذا غير معتدل؛ لأن هذا نوع من التمزيق للمسلمين.
والأخذ بالدليل والنص الشرعي والتحري فيه لا يمكن أن يوصف بأنه تشدد بحال من الأحوال، وربما يكون من أسباب المشكلة هذه في الغالب: ضعف العلم الشرعي وضعف الدعاة القائمين به، وعدم وجود مؤسسات علمية -جامعات مثلاً، أومعاهد- تسعى إلى تعليم المسلمين العلم الشرعي المبني على أصول شرعية، على فهم القرآن وعلى فهم الحديث، وعلى إدراك الأصول الفقهية والقواعد وغير ذلك، فهذه مشكلة موجودة حتى في البلاد الإسلامية نفسها، والجامعات الإسلامية، فضلاً عن البلاد الغربية، والله المستعان