لقد رغبتُ -أيها الإخوة- في إعطاء المرأة المسلمة جرعة من الحماس والوقاية ضد تلك الأفكار؛ لتعرف دورها الريادي الذي يجب أن تقوم به في المجتمع، نتوجه بهذه المجموعة القيمة من التوجيهات التي تخص المرأة علَّها أن تجد إلى قلبها طريقاً، ونحن نخاطب -أيها الإخوة- ونتوقع أن النساء أحد صنفين: الصنف الأول: صنفٌ مؤمن مصدق بالله راضٍ بشريعة الله، فواجبهن الانقياد والخضوع والاستسلام لأمر الله، شعارهن قول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} [الأحزاب:36] لا يسع المؤمن ولا المؤمنة إلا أن يقولوا: آمنا بالله طاعةً لله، إذعاناً له واستسلاماً هذا هو موقف المؤمن والمؤمنة.
أما الصنف الثاني: صنف من النساء مكذب منحرف، تربى على الكفر، وتغذى بغذائه، فهؤلاء نتوجه لهن بالدعوة إلى العودة إلى الله، والتصديق بدينه، والرضوخ لشريعته قبل أن يحال بينهن وبين ذلك بالموت، وقبل أن يواجهن المصير المحتوم، والعذاب الأليم، واللعنة والدمار في دار الخزي والبوار ندعوهن بدعاية الإسلام إلى إعلان العبودية لله وحده؛ لأن ذلك في مصلحتهن في الدنيا والآخرة.
وقبل كل شيء نؤكد -أيها الإخوة- أن الشريعة وأن دين الله منزه عن الظلم؛ لأن الله يقول: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [يونس:44] ولئن ساء وضع المرأة في فترات الزمن فإن السبب ليس التزامها بالإسلام، بل السبب الحقيقي هو: انحرافها وانحراف الناس عن الإسلام، انحراف الأجيال عن منهج الإسلام في التعامل مع المرأة.
فنحن نعلم ما حاق بالمرأة من ظلم وإهانة؛ فهناك من يكلفها ما لا تطيق، وهناك من لا يرحم ضعفها، وهناك من يقسو عليها، ويهدر كرامتها، ويضيع حقوقها، ولكن ما علاقة الإسلام بأخطاء الآخرين؟ نحن لا نريد أن نعالج الخطأ بارتكاب خطأ أفدح منه، ونحن لا ننكر أن الهوة سحيقة والبون شاسع بين ما نحن عليه وبين ما يجب أن نكون عليه، ولكننا نقول لكل مسلمٍِ ولكل مسلمة ترجو الله واليوم الآخر: إنها مسئولة غداً بين يدي الله.
إن ما يسمى بالاستسلام للأمر الواقع سوف يظل في ميزان الإسلام مرفوضاً ومردوداً ومنقوضاً، فالحق واحد لا يتعدد، والباطل مهما تقادم سيظل باطلاً، ولن ينتفع الناس إلا بالحق {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد:17].
هذا موقف الدفاع لرد تلك الحملات التي يستدلون فيها بالشبهات -مثلاً- يقولون: الإسلام ظلم المرأة! لم؟ قالوا: أعطاها نصف ما أعطى الرجل.
قاتلكن الله وقاتلكم الله يا من تصفون الله بأنه ظالم حينما أعطاها النصف.
أعطاها الله النصف وأعطى الرجل ضعف ما أعطى المرأة، لكنه كلف الرجل بكل شيء ولم يكلف المرأة بأي شيء، فهل أنصفها الإسلام أو لا؟! هذا هو الإنصاف، المهر والنفقة على الرجل، وله ضعف نصيبها من الإرث، مثلاً لو مات رجلٌ وترك ذرية ومواريثاً، ثم قُسمت المواريث فأخذ الذكر ثلاثة آلاف، والبنت ألفاً ونصفاً، ثم جاء الرجل ليتزوج فإنه سينفق من الثلاثة آلاف للمهر، والبيت، والنفقة، والبنت تأتي عندما تتزوج لا تدفع من الألف والخمسمائة ريالاً واحداً، إذن من الرابح في المسألة، الرجل أم المرأة؟! لاشك أن الرابح: المرأة.
راعى الإسلام ضعفها.
أما لو نظرنا إلى الميراث بمنطق الحسابات، فما دام أن الرجل عليه كل شيء فيكون الميراث للرجل؛ لأن عليه كل شيء، هذا بمنطق الحساب، لكن بمنطق الشرع والدين لا، الرجل عليه كل شيء لأنه يتحمل، والمرأة ليس عليها شيء لأنها ضعيفة، ومع ذلك فلها نصف ما للرجل، فهل هذا ظلم للمرأة أم أعظم عدل ورحمة؟! قاتل الله من يدعي أن الله ظلم المرأة.