هذه الحقائق الثلاث -كما قلت لكم- جاءت في آية من كتاب الله عز وجل، وهي قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون:12] هذه الحقيقة الأولى.
لست أنت من خلق نفسه، يقول الله: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ} [الطور:35 - 36] فما خلقت من غير شيء، وما أنت الخالق، وما من أحد خلقك إلا الله.
يقول الله: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} [الواقعة:58 - 59] الأم نفسها تحمل الجنين في أحشائها ولا تعرف عنه شيئاً، يقول الله عز وجل: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} [النجم:32] فالذي خلقك هو الله {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون:12] هذا الأصل، أصل الإنسان طيني السلالة، التكوين، التركيبة الأولى للإنسان طين، لكن عبر مراحل انتقل من الطين وصار نطفة.
هل تصدق أن هناك من يقول: كيف كنت طيناً؟ أيعقل أني كنت طيناً؟ نقول: نعم كنت طيناً، كيف؟ نقول: انظر حين تمني وتضع المني في سروالك أو ثوبك، هل تصدق أنك كنت هذا؟ نعم.
يا صاحب العضلات! يا صاحب العقل! كنت يوماً من الأيام هذه النطفة.
ولهذا لما مر المهلب بن أبي صفرة على الحسن البصري، وكان يمشي متبختراً متكبراً، وهو قائد من قواد الجيوش، فقال له الحسن: [إن هذه مشية يبغضها الله، قال: أما تدري من أنا؟ -تقول لي هذا الكلام وما تدري من أنا؟ - قال: بلى أعرفك، أنت الطين، أنت الماء المهين، أنت من خرجت من موضع البول مرتين، الأولى من ذكر أبيك، والثانية من رحم أمك، أولك نطفة مذرة، ونهايتك جيفة قذرة، وفي بطنك وثناياك تحمل العذرة!].
من أنت أيها الإنسان؟!