صاحب الإيمان يبعث آمناً يوم القيامة

تأتي النعمة الكبرى يوم القيامة، يبعث الناس من قبورهم ويبعث صاحب الإيمان لا يخاف ولا يحزن، الملائكة تؤنسه وتبشره عنده، يقول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [فصلت:30 - 31].

يقوم من قبره ويبعث، وإذا بعث فالملائكة عند رأسه، تقول: لا تخف ولا تحزن نبشرك بالجنة؛ لأنك ولي الله في الدنيا، فنحن أولياؤك الآن، وبعد ذلك يأتي على كربات يوم القيامة وأهوالها فيتجاوزها بسهولة.

أولاً: يمر على الصراط كالبرق الخاطف.

ثانياً: يشرب شربةً من حوض النبي صلى الله عليه وسلم؛ لا يظمأ بعدها أبداً، ينقطع الظمأ إلى أبد الآبدين عند هذه الشربة.

ثالثاً: يستظل في ظل عرش الرحمن؛ لأن الشمس تدنو من الرءوس حتى تغلي منها أدمغة العباد كما تغلي اللحوم في القدور من حرارة الشمس، ولا يوجد مظلة ولا سيارة ولا عمارة ولا شيء إلا مظلة الله، من استظل بدين الله وشريعة الله هنا، أظله الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، ومن عاش تحت جحيم وحميم وحر الكفر والفسق والمعاصي، عاش تحت آلام وحرارة النار في النار والعياذ بالله.

رابعاًَ: يأخذ كتابه بيمينه؛ لأنه كان من أهل اليمين، كان يمشي على الطريق الصحيح، ولم يكن يعكس السير، يأخذ كتابه بيمينه ويقول: {هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة:19 - 24].

بما عملتم في الأيام الماضية كلوا واشربوا هذا جزاؤكم، ليس بما لعبتم وضيعتم وسرتم في غير ما يريده الله تبارك وتعالى، ثم يزن موازين ترجح وتميل بالخردلة، الله يقول: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [النساء:40] ويقول: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء:47].

يُوزن فترجح موازينه؛ لأن لديه عمل وإيمان وعقيدة صافية ومتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، وصلاة في المسجد، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وحب في الله وبغض في الله، وأمر بطاعة الله وذكر لله، وتلاوة كتاب الله وعمل صالح، فهذا ترجح موازينه، قال الله: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف:8].

وبعد هذه العقبات وتجاوزها، يقال له: أنت ناجح تجاوزت العقبات، فادخل هذه الكرامة: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف:70 - 72].

نسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يجعلنا وإياكم من أهلها، هذا مصيرك يا أخي وهذه حياتك في ظل الإيمان بالله، أما الذي لا يريد هذا، فهو ما سنتكلم عنه في الخطبة الثانية.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015