طلب العلم بين فرض العين وفرض الكفاية

Q نجحت من الثانوية وحمدت الله عز وجل ثم بعد ذلك طلب مني أهلي أن أدرس فحرمت الدراسة على نفسي كما حرمت الجنة على الشيطان -لا حول ولا قوة إلا بالله- ثم تذكرت أنه ليس لي بد من الدراسة فسجلت في الجامعة وقبلت، ثم إنه واجهتني الكثير من الصعاب في الدراسة -يعني كأنه يتصور أن هذا اليمين هو الذي سبب له هذه الصعاب- هل عليَّ إثم في تحريم الدراسة على نفسي؟ وهل عليَّ في تحريمها كفارة؟

صلى الله عليه وسلم أولاً: أنت مخطئ في تحريم الدراسة؛ لأننا أمة العلم، فالجهل ما بنينا به مجداً، وأول آية نزلت علينا في كتابنا قول الله عز وجل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:1] فلن نبلغ شأواً ولا مجداً إلا بعلمنا وبإنتاجنا وبحضارتنا في شتى الميادين، سواء كانت هذه العلوم التي ندرسها علوماً شرعيةً أو علوماً دنيوية، لكن طبعاً العلوم الشرعية لابد منها؛ لأنها فرض عين على كل مسلم فلابد لطالب الطب أن يكون فقيهاً في الدين، ولطالب الهندسة لابد أن يكون فقيهاً في الدين، والطالب في كلية التربية لا بد أن يكون فقيهاً في الدين، فليست العلوم الشرعية مقصورة على طلاب الشريعة وطلاب العلوم الدينية.

فنريد الطالب مزوداً بالدين في كل جامعة وفي كل ميدان، ولكن طالب الشريعة يزداد تخصصاً، فيعرف في الدين ما لا يعرفه في أمور تخصصية نادرة تعتبر من فروض الكفاية.

فأنت يا أخي! قد أخطأت كثيراً حينما حرمت الدراسة على نفسك، والله قد قال للنبي صلى الله عليه وسلم {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم:1] وقال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم:2] فينبغي لك أن تقف عند هذا اليمين ولا تحرم ما أحل الله، وعليك أن تواصل دراستك وأن تستعين بالله، ولتعلم أن هذه المصاعب التي تواجهك في دراستك الجامعية شيء طبيعي في حياة كل شاب جامعي، لكن مع الاستمرار لابد أن تدك هذه العقبة إن شاء الله وتبلغ إن شاء الله المرتبة الطيبة والمنزلة الرفيعة لتنصر دينك من منصبٍ أقوى ومن مكان أفضل بإذن الله.

ويلزمك كفارة يمين أن تطعم عشرة مساكين كل مسكين كيلو ونصف أو اثنين كيلو رز من أوسط ما تطعم أهلك إن شاء الله، وأسأل الله أن يتوب عليَّ وعليك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015