Q هذا الشاب يسأل فيقول: أريد أن أتوب إلى الله توبة نصوحاً، ولكني أجد صعوبة في الالتزام دائماً، فأرشدني إلى طريق الخير والصلاح، جزاكم الله خيراً؟
صلى الله عليه وسلم طبيعي أن تجد صعوبة يا أخي، طريق الجنة فيها وعورة: (حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات) وكل مكرمة لا تنالها إلا بتعب.
الدنيا الآن المكارم فيها والرقي والرتب والمناصب تأتي بتعب، فالضابط لا يحصل على النجمة هذه حتى يذبحونه، وينتفون ريشه في الكلية، لكن يصبر ويمشي إلى أن يصير ملازماً، فأنت -يا أخي- اصبر على الطاعة، واصبر عن المعاصي، يقول: أريد أن أتوب إلى الله لكني أجد صعوبة، يريد أن يغني وهو تائب، يريد أن يظل نائماً وهو تائب، طبعاً (صعوبة ونصف) أتريد الجنة مجاناً والله تعالى يقول: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة:214]؟ لماذا أمر الله بالصبر في القرآن الكريم وقال: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف:35] وقال عز ثناؤه: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:3] الصبر عن النوم وعن الأرز واللحم مع الرقص واللعب، الصبر على المر، الصبر على أن تزهق روحك في سبيل الله، أن تتعب جسدك في طاعة الله، أن تقمع جماح شهواتك من أجل الله، تغض بصرك وعينك تتقطع وقلبك يتألم، تريد أن ترى لكن تقول: والله ما أنظر من أجل الله، تبتعد عن الأغنية وأذنك تريد أن تظل على الأغنية لكن تقول: والله ما أسمعها من أجل الله، هكذا الصبر، فيعوضك الله يوم القيامة بأن تنظر بعينك إليه، وأن تسمع بأذنك خطابه، وأن يزوجك بدل الزوجة الثانية باثنتين وسبعين حورية، الواحدة منهن خيرٌ من الدنيا وما عليها، تجدها مرآتك وكبدك مرآتها، إذا أردت أن تشاهد وجهك ولا توجد مرآة في الجنة فانظر في كبدها تشاهد وجهك في كبدها، عليها سبعين حلة ترى مخ ساقها من وراء الحلل، نصيفها على رأسها خير من الدنيا وما عليها، لو أنها في المشرق شممت رائحتها في المغرب أنت، إذا أشرفت على الأرض آمن من على وجه الأرض بالله الواحد القيوم، إذا طلعت على أهل الجنة برق برق في الجنة، فيقول الناس: ما هذا البرق؟ قالوا: لا.
هذه حورية تبسمت في وجه زوجها! تريد أن تأتي وأنت نائم؟! لا تأتي يا أخي! ويقول الناظم:
تهون علينا في المعالي نفوسنا ومن يخطب الحسناء لم يغلها المهر
ويقول الثاني:
الجود يفقر والإقدام قتال
الذي يريد أن يكون شجاعاً لابد أن يموت، والذي يريد أن يصير كريماً لابد أن يخسر، والذي يريدها سلامات وعلى طرف لا هذه ولا تلك، فأنت أقدم.
وكن في كل فاحشة جباناً وكن في الخير مقداماً نجيباً
وتب توبة الصادقين، أما توبة الضعفاء والمنهزمين والمهزوزين فلا: أريد أن أتوب ولكن ما زلت أفكر، بعضهم يقول: أفكر في أن أتوب، ماذا يتوب؟ الخيارات دائماً في الأشياء المتقاربة، أما أن تخير نفسك في الجنة أو في النار!! لو دخلت في عمارة وقيل لك: هذه الشقة فيها أرز ولحم وبسطة وغرفة نوم وزوجة، وهذه الشقة فيها سكاكين وفيها نار وجمر، ما رأيك هذه أو هذا، ماذا تقول؟ تقول: والله أفكر؟! هذه جنة يا أخي! وتلك نار، كيف تقول: والله أريد أن أتوب لكني أريد أن أفكر، أقول: تب واصمد واثبت والله معك، ودائماً الذي يلتجئ إلى الله يقول الله عز وجل: (يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم).
اللهم اهدنا فيمن هديت.