Q هذا سائل يريد بعض النصائح للثبات على الدين والتمسك بأوامر الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟
صلى الله عليه وسلم من أهم الأشياء التي تثبت على دين الله تبارك وتعالى: 1 - تلاوة القرآن الكريم؛ لأن الله تعالى يقول: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} [الفرقان:32] وما عرفنا أن أحداً اعتصم بالقرآن وتلا القرآن وتدبره فضل، من يضل؟ الذي يهجر القرآن تلاوة، أو يهجره عملاً، أو تدبراً، أو احتكاماً، أو استشفاء؛ يضله الله؛ لأنه جاء في حديث الترمذي حديث الأعور عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنها ستكون فتنة، قلت: فما المخرج منها يا رسول الله؟! قال: كتاب الله، فيه خبر ما بينكم، وخبر ما قبلكم وما بعدكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم) الزم القرآن الكريم، قال تعالى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلونَ} [الزخرف:43 - 44] فاقرأ القرآن باستمرار، واجعل المصحف في جيبك، وفي السيارة، وفي المكتب، وعند سرير نومك، وكلما وجدت فرصة من الفرص فاقرأ القرآن وتدبر، قراءة تدبر يقول الله تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} [النساء:82] ويقول جل ذكره: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29].
2 - فعل الأمر وترك النهي: وفي هذا يقول الله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً} [النساء:66] أشد هنا: أفعل للتفضيل، أفضل ما تثبت به نفسك أن تفعل ما وعظك الله به: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ} [النساء:66] نوعظ بفعل أوامر الله وترك نواهيه، وأنت تعرف أمر الله ونهيه، لا أحد يغرك إلى اليوم، تعرف أن النظر إلى النساء حرام، فلماذا تنظر وتقول: الإيمان في القلب، تحيلنا على صدرك وعينك مريضة؛ وتعرف أن الدخان حرام وأنه خبيث فلماذا تشربه وتقول: الدخان ليس فيه شيء والإيمان في القلب؟ وتعرف أن الربا حرام فلماذا تستمر فيه؟ وتعرف أن سماع الغناء حرام، فلماذا تستمر فيه؟ وتعرف أن الصلاة في البيت وتركها في المسجد من النفاق فلماذا تنام عن الصلاة؟! كل هذه أمور نعرفها، فإذا قمت بأوامر الله ولم تترك نواهيه فقد كذبت نفسك.
3 - قراءة قصص الأنبياء: فالأنبياء ذكر الله قصصهم في القرآن للعبرة والعظة، قال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف:3] وقال عز وجل: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ} [يوسف:111] وقال جل ذكره: {وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} [هود:120] فكلما قرأت قصة نبي ثبتتك على الإيمان، إذا كنت شاباً وجميلاً ووسيماً وما عندك زوجة والمنكرات من حولك، وسبل الفساد تفتح لك ثم دعيت إلى جريمة، فاذكر يوسف لما دعته المرأة ذات المنصب والجمال فقال: {مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف:23] فتقول: لا والله لا أعمل، إذا رأيت الدنيا تكالبت عليك من كل جانب وضاقت الأرض من كل مكان فتقول كما قال موسى: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء:62] وإذا ضاقت بك الدنيا فتقول كما قال عليه الصلاة والسلام: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:40] هكذا تثبتك هذه القصص، فليست مجرد كلام، القرآن ما نزل من أجل أن نتسلى به، بل هو قصص ودروس عملية تربوية، ننتفع بها في حياتنا، وكل قصة ذكرت في القرآن فلها أهداف عظيمة، فاقرأ قصص القرآن، وبعد ذلك اعتبر منه وارجع منه بفوائد ونتائج ودروس في حياتك تمتثلها، وهذا سبب تثبيتك، قال الله تعالى: {وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ} [هود:120].
3 - الدعاء: فتدعو الله في كل وقتٍ وفي كل حين تقول: يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك، وقد ذكر الله عز وجل أن هذا من صفات عباد الرحمن، فهم يقولون: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران:8] اللهم اهدنا فيمن هديت وثبتنا يا رب العالمين.