الثامن: مما يعرضك لمحبة الله عز وجل مجالسة الصالحين: الحرص على أن تكون مجالسك دائماً مطعمة بالطيبين، وأن يكون وقتك كله مع الطيبين، لِمَ؟ لأنهم يؤثرون فيك، والمرء من جليسه، المرء من خليله:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
...
إذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
...
فلا تصحب أخا الفسق وإياك وإياه
فكم من فاسقٍ أردى مطيعاً حين آخاه
يقاس المرء بالمرء إذا ما المرء ما شاه
وللقلب على القلب دليلٌ حين يلقاه
وللناس على الناس مقاييس وأشباه
فعليك إذا كنت تريد أن تنال محبة الله عز وجل أن تجلس مع من يحبهم الله، حذار من الجلوس مع من يبغضهم الله، فإنك وإن كنت محبوباً عند الله ثم جلست مع من يبغضهم الله عرضت نفسك لبغض الله، كيف تجلس مع من يبغضهم الله وتريد أن يحبك الله؟! إن مقتضى محبة الله لك ومحبتك لله أن تحب في الله، وأن تبغض في الله، ولهذا جاء في الحديث، عنه عليه الصلاة والسلام، والحديث في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه: (ثلاثٌ من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: منها: أن يحب المرء لا يحبه إلا لله) أن يبني علاقاته وأواصره الاجتماعية على أساس دينه وعقيدته، فلا يحب إلا من يحبه الله ولا يبغض إلا من يبغضه الله، أما إذا ذاب بين الناس ولم يتميز بإيمانه ولا عقيدته، ولم يحب في الله ولم يبغض في الله، فهذا إنسان لا يعرض نفسه لمحبة الله بل ربما عرضها لبغض الله عز وجل.