الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: أيها الإخوة في الله: لقد رتب الله عز وجل الجزاء في الدنيا والآخرة على فعل المكلف، وجعل مدار السعادتين في الدنيا وفي الدار الآخرة نتيجة سلوك الإنسان، وزود الإنسان بالإمكانات التي تعينه على سلوك طريق الخير باختياره، أو سلوك طريق الشر باختياره، وأقام الحجة على الخلق ببعثة الرسل، وبإنزال الكتب، قال تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:165] وفطر الإنسان على فطرة الدين، والأرض القابلة لاستنبات الدين هي: الفطرة، يقول عليه الصلاة والسلام: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه) ولم يقل: يمسلمانه؛ لأنه مسلم بالفطرة، وفي حديث آخر في صحيح البخاري وهو حديث قدسي، يقول الله عز وجل: (إني خلقت عبادي حنفاء -أي: مستقيمين- فاجتالتهم الشياطين).