الحياة حكمة لا عبث

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد: أيها الأحبة في الله! هذه الظواهر الكونية المبثوثة في الآفاق والأنفس من ليل ونهار، وشمس وقمر، وسماء وأرض، وجبال وبحار، وإنسان وحيوان، وجماد ونبات على ماذا تدل؟ وماذا تعني؟ ما تفسيرها؟ وما حقيقتها؟ وما سر وجودها؟ لماذا جاءت أو خلقت؟ وأين النهاية بعد أن يؤدي الإنسان دوره على مسرحها؟ أيها الإخوة في الله! لا تفسير لظاهرة الحياة إلا أحد تفسيرين، ولا احتمال لمعناها إلا أحد احتمالين: الاحتمال الأول: أن تكون هذه الحياة إنما خلقت عبثاً؛ ليس لها غاية، وليس من ورائها حكمة، وإنما هكذا وجدت، وهكذا وجد الإنسان نفسه يعيش كما تعيش البهائم، وينتهي كما تنتهي البهائم، ثم بعد الحياة ليس هناك حياة أخرى.

هذا هو الاحتمال الأول.

الاحتمال الثاني: أن تكون لهذه الحياة أسرار، ويكون لها أهداف وحكمة، أي: لم تخلق عبثاً، وإنما لحكمة أرادها خالقها.

فأي الاحتمالين هو الصحيح؟ نحن لا نريد إجابة منبعثة من العاطفة، وإنما نريد إجابة مدعمة بالدليل النقلي الشرعي، وبالدليل العقلي الفكري؛ لأن من يناقش أو ربما يسأل لا يؤمن إلا بمنطقه وعقله، فلنأخذ كل احتمال ونناقشه لنرى مدى صحته أو بطلانه.

الاحتمال الأول: أن هذه الدنيا وهذه الحياة إنما خلقت عبثاً: وللأسف الشديد أن هذا الاحتمال يسير عليه ويتبناه معظم سكان الأرض في هذه الأزمنة، من العقلاء والكبار والمفكرين، يفسرون الحياة على أنها ليس لها هدف، وبعضهم يغالط نفسه فلا يفسر هذا التفسير بلسانه، ولكن واقعه وتطبيق حياته وأسلوب معيشته يدل على أنه لا يؤمن إلا بهذه الحياة، وأنه ليس له هدف بعد هذه الحياة.

وهذا الاحتمال باطل بالدليل الشرعي والنظر العقلي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015