لئن فشل أعداء الله من اليهود والنصارى والصليبيين والوثنيين والملاحدة في إقناع البشر بعدم وجود الله -لأن ذلك مفطور في فطر الناس- إلا أنهم قد أفلحوا إلى حد بعيد في إقناع كثير من المسلمين بإمكانية تنحية هذا الدين من واقع حياتهم، وإيهامهم بأنه يمكن لهم أن يظلوا مؤمنين بالله حتى مع وجود أرباب أخرى تشرع لهم من دون الله؛ ويصلون بذلك إلى تدمير الإسلام، وعزل الدين عن حياة الناس، مع إيهام الناس أنهم لا يزالون على الدين.
وهذا هو غاية الخبث والشر! أن يعتقد الإنسان أنه على دين وهو ليس على دين، أنه مسلم وهو ليس بمسلم، مسلم فقط بالوراثة بالتبعية بالهوية بالمزاج أما بالاستسلام لله، وبالخضوع لشرعه وبتحكيم أحكام الله، فلا!! هذا ما حرص عليه أعداء الله عز وجل من زحزحة المسلمين عن هذا المفهوم، وإقناعهم وإيهامهم أنه بالإمكان أن يبقى الإنسان مسلماً ولو لم يصل أو يزكِ بل ولو ارتكب جميع المحرمات، واقترف جميع الذنوب والمعاصي والسيئات.
هذا هو الذي استطاع أعداء الله عز وجل أن يوقعوا الناس فيه؛ لأنهم يئسوا من أن يحولوا الناس إلى ملاحدة أو إلى ديانات أخرى، فلا يستطيع مسلم أن يتحول إلى يهودي أو نصراني أبداً.
نعم.
الآن عمليات التنصير منية بالفشل، ولكن عملية الدعوة إلى الإسلام ناجحة، فمئات البشر الآن بل الآلاف في كل دول الأرض يتركون دياناتهم اليهودية والنصرانية والهندوسية ويسلمون بجهود بسيطة.
إن الدعوة إلى الله نور يمشي في الأرض، وتحمله ثلة قليلة، وتدعمه إمكانيات محدودة، ومع هذا ينتشر، بينما التنصير تدعمه دول، وتوظف له إمكانيات ضخمة: قنوات فضائية، إذاعات، صحف، إرساليات، كتب، أموال طائلة ومع ذلك لا يدخل في دين النصارى إلا أحد رجلين: جائع أو مريض، فإذا شبع قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وإذا تعافى قال: الحمد لله الذي عافاني ورد علي عافيتي، يعني بعد عشرين سنة من التنصير يقول: اللهم صلِّ على محمد؛ لأنه مسلم، فكيف يمكن أن تمسخ فطرته؟! لا يمكن.
هو أطاعك يوم أن كان جائعاً يحتاج إلى الأكل، ولما أكل وشبع رجع إلى أصله وفطرته، وأطاعك يوم أن كان مريضاً يحتاج إلى العلاج.
لكن الآن الذين يدخلون في الدين الإسلامي هل يجدون نتائج طيبة وطريقاً مفروشاً بالورود عند دخولهم في الدين الإسلامي؟ لا.
بل إنهم يقدمون التضحيات.