ويأمر الإسلام المسلم بأن يتنزه من البول حتى تكون ثيابه طاهرة، ورائحته جميلة؛ لأن عامة عذاب القبر من البول، فإذا جئت تتوضأ فينبغي لك أن تتأكد من انقطاع البول وخُلوِّه وانتهائه، أما أن تسرع ويستمر البول في النزول ويتلوث ثوبك وتسوء رائحتك، وتفسد صلاتك، ويبطل وضوءك، فهذا تعذب به في القبر كما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال في الرجلين اللذين يعذبان في القبر: (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير: أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة بين الناس).
وقد بال أعرابي في المسجد، وكان له كل المبررات في أن يفعل ذلك؛ لأن المساجد جديدة في حياة المسلمين، فقبل الإسلام ما كان هناك مساجد، أما الآن فالحمد لله المساجد نعيشها ونعيش حبها وعظمتها وكرمها في قلوبنا من الصغر؛ لأننا معها من يوم خلقنا، لكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بني المسجد فجاء الأعرابي من الصحراء لا يدري ما هذا المكان، ولا يعرف ما هذا الموقع، فجلس في طرفه وبال كأنه في طرف بيته، فغضب الصحابة غضباً شديداً، وقاموا إليه ليضربوه وليقتلوه، ولكن النبي صلوات الله وسلامه عليه قال: دعوه لا تزرموه، لماذا؟ قالوا: الحكمة تستدعي أن يكمل؛ لأنه لو قام وهو يبول، فسيرش به المسجد كله، وبدل ما كان البول في جزء سيكون في جميع المسجد، أليس من الحكمة أن يكمل في مكانه؟ اللهم صلِّ وسلم على رسول الله.
ثانياً: سيؤدي احتباسه بالبول إلى أن يمرض، فإن الإنسان إذا أخرج البول ثم أمر بقبضه أصبح عنده التهابات، إذ أن هذا الماء المستعد للخروج يتلوث ثم تقبضه فيرجع إلى المثانة ويعمل إجراءات صعبة في المثانة فيحدث بذلك مرض للإنسان.
ثالثاً: يؤدي إلى أنه يكره الإسلام، فيمكن أنه جاء لكي يسلم، لكن من أجل هذا البول يخرج، فلا يرجع أبداً فيدخل النار، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: دعوه، فلما أكمل دعاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال للصحابة: (صبوا على بول الأعرابي ذنوباً من ماء) لأن الأرض كانت ترابية، والماء يصب على ظهرها فيمتص النجاسة وتذهب النجاسة إلى باطن الأرض، ليس هناك وسيلة أعظم من هذه الوسيلة، ثم دعاه وقال: (إن المساجد لا ينبغي أن تكون لشيءٍ من هذا، فقال الرجل بعد أن رأى كرم أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لي ولمحمدٍ ولا تغفر لأحد معنا) يقول: هؤلاء الذين كانوا يريدون أن يضربوني لا تغفر لأحد منهم فقال عليه الصلاة والسلام وقد تبسم: (لقد حجرت واسعاً) أي: ضيقت واسعا، فمغفرة الله واسعة ورحمته عظيمة.
فهذا من اهتمام الإسلام بالنظافة.
أيضاً: اهتم الإسلام بنظافة المسكن بتركيزه على نظافة المياه وحماية مصادرها من التلوث، وتنقيتها من الشوائب؛ لأن فساد الماء وتلوثه يسبب الأمراض الكثيرة والأوبئة الخطيرة، فمن وسائل الوقاية النهي عن البول في الماء الراكد، فممنوع أن تبول في الماء الراكد، فقد روى مسلم: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه) لأن هذه الفضلات ملوثة، وإذا وضعتها في الماء الراكد انتشرت فيه ثم إذا اغتسلت لوثت نفسك، والعلماء يقولون: ليس معنى هذا جواز البول في الماء الجاري، فإن الماء الجاري أيضاً لا يجوز أن تبول فيه؛ لأنك أيضاً تلوثه ولو كان جارياً، لكن الرسول بينَّ أن الماء الراكد إذا بال فيه الإنسان لا يجوز فيه الغسل؛ لأنه يصير نجساً، أما الماء الدائم الجاري فإنه لو بال فيه أحد لا ينجس ولكن قد يتلوث، ولذا لا ينبغي لك أن تبول في الماء، فإذا أردت أن تبول فبل في المكان البعيد، ثم خذ معك من الماء فاستنج وتطهر، ثم توضأ في الماء الجاري.
ومن أبرز الأمراض التي تنتشر من المياه الملوثة البلهارسيا وحمى التيفود.