العامل الثاني من عوامل الوقاية: النظافة؛ فإن النظافة من أهم العوامل الصحية التي تحول بين الإنسان وبين الوقوع في الأمراض، ولقد عني الإسلام بأمر النظافة عناية فائقة، ووجه الأنظار إليها، واعتبرها من صميم رسالة الإسلام، فأوجب نظافة البدن والثياب والأمكنة والطرق والبيوت، ونظافة كل شيء، حتى جعل النظافة جزءاً من الإيمان.
ففي نظافة البدن شرع الإسلام الوضوء للصلوات الخمس في اليوم والليلة خمس مرات، وليس من الطهارة، بل من الوضاءة، أي: الحسن والجمال، ولذا ترى الذي يتوضأ دائماً عليه إشراقة ونور، بينما الكافر لو اغتسل في اليوم مائة مرة ما عليه وضاءة، ولا فيه نور ولا جمال، لماذا؟ لأن الكفر يغطيه -والعياذ بالله- فالوضوء الذي تمارسه كعبادة يختلف عن النظافة التي تمارسها كعادة، وهذا أمر فوق النظافة، وفيه يتم غسل الأعضاء الخارجية التي غالباً ما تكون عرضة للتلوث وحمل الجراثيم والإفرازات التي لا تنقطع، فقد أخرج البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ).
والوضوء طهارة مادية للأعضاء، وطهارة معنوية للقلب بتكفير الذنوب والخطايا ومحو السيئات، روى الإمام مسلم عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط).
وفوائد الوضوء الصحية كثيرة منها: الحيلولة دون إصابة الجلد بالالتهابات وسرطان الجلد، وقد أجريت دراسات وبحوث بين مجموعة من المسلمين الذي يتوضئون في اليوم خمس مرات، وبين مجموعة من غير المسلمين الذين لا يتوضئون، ووجد أن نسبة إصابة المسلمين بسرطان الجلد والالتهابات اليدوية الجلدية نادرة بل ومعدومة، وأنها كثيرة جداً في الكفار الذين لا يتوضئون، فهذا من إعجاز النبي صلى الله عليه وسلم.
وأيضاً يحول دون إصابة أصابع القدمين بالفطريات، وغسل الوجه يمنع حب الشباب وخشونة البشرة، وقد اهتم الإسلام أيضاً ضمن الوضوء بنظافة الفم وتطهيره، وتجلية الأسنان وتنقيتها عن طريق المضمضة واستعمال السواك عند الوضوء والصلاة وقراءة القرآن، وأكد الرسول صلى الله عليه وسلم ضرورة استعماله لما له من الفوائد المادية والمعنوية، يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام أحمد في المسند: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) وفي الصحيحين يقول عليه الصلاة والسلام: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) وفي رواية: (عند كل وضوء).
والسواك أفضل من غيره من وسائل التطهير، فوسائل التطهير الأخرى -وهي الفرشاة والمعجون- طيبة ولكن السواك أفضل منها؛ لأنه يشد اللثة ويقويها، وفيه مادة حارقة تذيب العوالق الكلسية التي تترسب على الأسنان، وإذا جمعت بين السواك والفرشاه كان حسناً.