هناك أمور يعملها الواحد منا ولا تنافي الصبر، وهي: بكاء العين وحزن القلب، فإن الإنسان بشر وليس بحجر، فإذا مات ولدك أو ماتت زوجتك، ودمعت عينك أو حزن قلبك، فهذا مباح؛ لأنه من طبيعة البشر، والنبي صلى الله عليه وسلم لما مات ولده إبراهيم، ذرفت عيناه صلى الله عليه وسلم وقال: (إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، إنا لله وإنا إليه راجعون، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون).
فقال عبد الرحمن لما رآه: وأنت يا رسول الله؟! أنت تبكي يا رسول الله وأنت تنهانا عن البكاء، قال: (يا ابن عوف! إنها رحمة لا بد أن تكون في قلب الإنسان) والذي لا يبكي بكاء الرحمة فقلبه قاسٍ، والقلب القاسي بعيدٌ عن الله عز وجل.
فلا ينافي الصبر إذا دمعت عينك؛ لكن لا تدمع عينك مع رفع صوت، ولا مع ندب، ولا مع شق جيب، ولا مع نتف شعر، أو اعتراض أو شيء من السخط، إنما تدمع عينك ويحزن قلبك وتشكو أمرك إلى الله عز وجل.
وأيضاً هناك شيء لا ينافي الصبر وهو الشكوى، لكن إلى الله: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف:86].
حسبنا الله ونعم الوكيل، إذا قلتها فرج الله همك، اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، اشك إلى الله؛ لأن الله بيده الأمور، بيده الخفض والرفعة، بيده المنع والإعطاء، فكل شيءٍ عنده، فاشك إليه.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يرزقنا وإياكم الصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والله أعلم.