نصائح لمن عق والديه

Q أرجو أن تعلق على هذه المشكلة وهي: أن هناك ابنة عاقة لأمها وترد عليها بأبشع الألفاظ وتقول: ليس لك دخل بي، ولا تأكل معها وهي على هذه الحال أكثر من ثمان سنوات، وكانت في بداية المشكلة أن الأم إذا اشتكت إلى والدها قال أمام البنت: أنت تخطئين عليها، حتى وصلت إلى هذه الحال.

فأرجو من فضيلتكم أن توجهوا نصيحة لهذه البنت ولأمثالها، علماً بأن الأم والبنت معنا الآن في هذه المحاضرة؟

صلى الله عليه وسلم أولاً العقوق من أعظم ومن أكبر الكبائر، والحديث في الصحيحين من حديث أبي بكرة قال عليه الصلاة والسلام: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين -قرنه الله بالشرك- وكان متكئاً فجلس وقال: ألا وقول الزور ثلاث مرات) فهو من أكبر الكبائر، وبر الوالدين من أعظم الطاعات والقربات، بل قرن الله برهما بعبادته قال عز وجل: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [النساء:36] {وقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [الإسراء:23] {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان:14] فالبر قربة، والعقوق مصيبة، وقد يعاقب العاق في الدنيا إلى جانب العقوبة التي تنتظره في الآخرة، فعقوبته في الآخرة النار -والعياذ بالله- أما عقوبته في الدنيا العاجلة فإن الله يسلط عليه من أولاده من يزيد في عقوقه على ما عق به أمه وأباه.

وهذه البنت هي اليوم بنت لكنها غداً سوف تتزوج وسوف يأتيها أولاد، وسوف يكيلون لها بمكيال أمها ويزيدون.

فقد كان هناك شخص يضرب أباه ويسحبه من القصر إلى الباب، ويغلق الباب عليه ويتركه في الحوش، وصبر هذا الأب حتى مات، ودارت الدنيا إلى أن صار هذا الولد شيخاً وجاء له ولد فكان يضربه من فوق القصر ثم يسحبه إلى الباب الداخلي ويخرجه من الحوش، ثم يخرجه إلى باب الشارع ويتركه في الشارع، فيقول لولده: يا ولدي والله إني كنت أضرب أبي إلى هنا دعني هنا، قال: لا.

كنت تضرب أباك إلى هنا وأنا سوف أزيدك، وأدعك في الشارع هناك، فبروا آباءكم يبركم أبناؤكم.

فالبر مكيال إن توفِّه يوفَّ لك، وإن تنقصه ينقص عليك، وأنت -أيتها البنت- عقوقك لأمك محسوب عليك وغداً يأتي من يعقك أكثر وأكثر.

ومن عقوبات عاق الوالدين وعاقة الوالدين: عدم التوفيق، فلا يوفق الله عاق والديه أبداً بل كلها في وجهه.

وكذلك عدم التيسير في الأمور، ومحق بركة الرزق، ومحق بركة العمر، ومحق بركة الأولاد، فأمور العاق كلها -والعياذ بالله- معسرة.

فننصح هذه البنت بالتوبة إلى الله، واستغلال حياة والدتها فإنها ضيفة ولا تعلم كم ستعيش، ومن أعظم الآلام في النفس أن يموت أبوك أو أمك وأنت غير بار بهما؛ لأنه إذا مات من أين تأتي بأب؟ تشتري أباً من أجل أن تبره؟ هي فرصة واحدة فاتتك، فلا تضيعي هذه الفرصة -أيتها البنت- وعليك بالتوبة والرجوع إلى أمك وتقبيل قدمها وطاعتها وبرها، وعدم استنكاف أي أمرٍ تقوله.

ونشير إلى عبارة وردت في السؤال: أن الذي جعل البنت هذه تعق أمها هو أسلوب أبيها، فقد كانت البنت إذا شكت إلى أبيها يقول للأم: أنت المخطئة على ابنتك، فقلل من شأن الأم، وشجع البنت على العقوق، وهذا من الأخطاء الشائعة عند الرجال، لا ينبغي لك أن تتكلم على امرأتك أمام أولادها؛ لأن هذا ينزل من شخصيتها، ويقلل من اعتبارها في أذهانهم، بل عليك دائماً أن ترفع من شأن امرأتك، وإذا كنت وهي لوحدكما تقول: أنت أخطأت، لكن ما أريد أقول لك أمام الأبناء فأنت مخطئة ولهم حق وهكذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015