النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذا الدرس الرباني نزلت عليه سورة الكهف، وجزء من سورة الإسراء المتضمنة للجواب على هذه الأسئلة الثلاثة: 1/ يسألونك عن الروح.
2/ وعن أصحاب الكهف.
3/ وعن ذي القرنين.
وهذه السورة تضمنت ثلاثة أحداث -أو ثلاث قصص- وفيها إشارات بليغة وتربية عظيمة للمؤمنين، وقصة أهل الكهف تحكي إيمان فتية من الشباب، وفي هذا لفت نظر للشباب على أنه ليس أنتم أول من يهتدي ويلتزم؛ لأن القضية سلسلة من الصالحين منذ بعثة الأنبياء إلى يوم القيامة، يقول الله تعالى: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً} [الكهف:13] ترشد هذه القصة -قصة أصحاب الكهف- إلى أن الهجرة وترك مواطن الكفر والعدوان حين يخاف المسلم من الفتنة على دينه أنه أمر مشروع متوكل على الله عز وجل، فأصحاب الكهف لما حوربوا وأوذوا اعتزلوا قومهم، وهجروا ديارهم، وخرجوا إلى الكهف، يقول الله عز وجل: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً} [الكهف:16] فهذه القصة فيها دلالة على مشروعية الهجرة، وكأن السورة وهي تنزل في هذا الوقت الحرج تلفت أنظار الناس إلى أنه ما دامت الأرض قد ضاقت بكم في مكة ولم يكن عندكم قدرة على مواجهة هذا الباطل حسناً غيروا الموقع، اخرجوا إلى أرض الله! أرض الله واسعة كما خرج هؤلاء الذين هم: {فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً} [الكهف:13].