هذه المخدرات، نعرف أعراضها، في كثيرٍ ممن يتعاطاها؛ لأنها ظاهرة، فمجرد أن تراه تعرف أنه من أهل المخدرات، كيف؟ - أولاً: الشعور بالخمول:- خامل حتى في عمله، حتى في دوامه، يأتي الساعة التاسعة والنصف، وإذا جاء أرخى ظهره على الكرسي، فيقال له: ما بك؟ فيقول: أنا متعب، لا أدري ماذا بي، فيقال: ما الذي أتعبك؟ أين كنت؟ هل كنت تجاهد؟ فيقول: لا ولكن متعب لا أدري ماذا بي، أحس نفسي أنني لستُ بجيد؛ لأنها خَدَّرَتْكَ المخدرات، فالشعور بالخمول دائماً وباستمرار، فهو خامل لا يستطيع أن يأخذ حتى ورقة، حتى في العمل نفسه، فتقول له: اكتب المعاملة هذه، فيقول: حاضر، فيكتبها: سعادة مدير عام كذا وكذا، أو مدير كذا وكذا، مرفقة المعاملة المتعلقة بفلان، نأمل الاطلاع والإحاطة والتوجيه، فقط وتخلص منها؛ لكن هل درسها، وعرف مضمونها، والتي رأينا، والتي لها خيارات، الخيار الأول الخيار الثاني يقدم معلومات، فيأتي المسئول يقرأها، هل هي كاملة من خلال المعاملة كلها أم لا؟ فهذه ليست موجودة، لماذا؟ لأنه كسلان تعبان مخدر يشعر دائماً بالخمول والكسل والاكتئاب، ودائماً هو غضبان ومكتئب وأعضاؤه كلها مرتخية والعياذ بالله.
ثانياً: اتساع حدقة العينين:- وأيضاً ظاهرة تراها فيه فتعرفها، وهي: اتساع حدقة العينين، عيونه موسَّعة، لماذا؟ نتيجة الاكتئاب والشد العضلي والنفسي فتتوسع عيناه؛ لأنه لا ينام، فتتوسع عيناه كأنها عينا سكران والعياذ بالله.
- ثالثاً: ارتفاع درجة الحرارة:- عندما تلمسه تجد حرارته مرتفعة باستمرار، فتلتهب تأثير هذه الحبوب.
- رابعاً: الصداع:- - خامساً: الدوار:- - سادساً: تصلُّب المعدة:- - سابعاً: الضعف العام في كل جسده:- - ثامناً: جفاف الفم:- - تاسعاً: الرغبة في النوم:- فرغبته دائمة في النوم، يرقد ويرقد إلى أن يقوم وقد تقلبت عيونه، وانتفخت، وأصبحت عينه الواحدة مثل الساعة من كثرة النوم، وإذا جاء في الصباح ليلبس أحذيته، فإنه لا يدخل حتى رجله بأكملها، يدخل نصف رجله، ويسحبها في الشارع سحباً، ويرمي بـ (غترته) على كتفه، وحتى زراره الذي على رقبته لا يشده، فلا فراغ لديه لذلك؛ لأنه يراه متعباً له، فيقول: كيف أشد زراري ثم أفتحه فيما بعد؟! لا.
أتركه مفتوحاً من الآن، لا إله إلا الله!! ثم بعد ذلك يستمر في التدهور إلى درجة أنه لا يعرف من هو.
قال لي أحد المسئولين في إدارة المخدرات: إن هناك شخصاً من المتعاطين سئل وقيل له: ما اسمك؟ فقال: هاه؟! ماذا تقول؟ قيل: ما اسمك؟ قال: أنا؟! دعني أتذكر! مَن أنا؟! لستُ أدري! لا إله إلا الله! هل هناك تحطيم أعظم من هذا التحطيم؟! من إنسان لا يعرف من هو؟! لا يعرف ما اسمه، أهو علي، أم عبد الله، أم سعيد، أم محمد؟! أي خير تأمله، أو أي شيء تريده من هذا الإنسان الذي لا يعرف من هو؟! أتريده أن يستمر في القيام بدوره في أسرته, أو في مجتمعه، أو في وطنه؟! كيف سيكون؟! سيكون مسكيناً وكرة يلعب بها الشيطان، كما يلعب بها الصبيان، وهو ما تسعى إليه دول الكفر في أن تورِّد لنا هذه السموم حتى تقضي علينا، وأنتم تعرفون أن من يقرأ التاريخ، يعرف كيف استطاعت بريطانيا أن تحطم وتستعمر الصين عن طريق المخدرات، إلى أن أتى رئيسٌ لهم وقضى على المخدرات، وإذا بـ الصين تنهض، وتصبح الدولة الخامسة العُظمى في العالم، وتفجر الذرة، وتكتشف القنبلة الذرية.
هذا بعد ماذا؟ بعد تَحررها من رِبْقة المخدرات.
لقد أنعم الله على الإنسان بالعقل؛ ليكون مسئولاً عن تصرفاته، وليقوم بتكاليف الدين، ولذا فإن مناط التكليف العقل، يقول عليه الصلاة والسلام: (رُفع القلم عن ثلاثة:) الحديث، وهذا من خصائص الدين الإسلامي، أنه إذا كان هناك عقل فإن هناك مؤاخذة، وإذا ارتفع العقل ارتفعت المؤاخذة، لماذا؟ لأن العقل هو الذي يضبط تصرفاتك: (رُفع القلم عن ثلاثة:) والمخدرات بأشكالها وأنواعها وجميع أصنافها المختلفة، تقوم بإفساد العقل، والقضاء عليه، وتعطيله عن القيام بدوره، وتحويل الإنسان من إنسان عاقل إلى إنسان مجنون، يقول ابن الوردي:
واترك الخمرة، لا تشربها كيف يسعى لجنون من عقلْ
وقد نشأت المخدرات منذ القدم، عن طريق تعرف الإنسان على بعض النباتات والأعشاب، وتناولها، ثم الاستمرار عليها، حتى يحدث لديه الإدمان، وهو الاعتماد الجسدي والعقلي عليها، ولذا تفتح الدولة الآن مستشفيات، اسمها: مستشفيات الأمل؛ لأن صاحب المخدرات لا يستطيع أن يتركها من عنده، بل لا بد من علاج؛ لأن المخدرات أصبحت جزءاً من تركيبته الجسدية، وأصبحت جزءاً من تركيبة دماغه وعقله، بحيث أنه إذا لم يجدها فإنه لا يستطيع العيش؛ ألا ترون بعض المدمنين إذا لم يجد المخدرات كيف يتصلب، ويحرك يديه، ويصعد عينيه، ويتلوى، ويقع في الأرض، ويتقلب، ويمدد رجليه ويديه؟! لماذا؟ لأنه نقص عليه شيء، فلا يحاول أن يعود إلى وضعه إلا عن طريق المخدرات، فتصبح المخدرات بعد الإدمان جزءاً من التركيب الجسدي والنفسي.
إذاً: هو يبدأ بجرعة صغيرة، ثم ثانية، ثم ثالثة، ثم لا يلبث أن يقع فريسة للمخدر، ويعجز عن الإقلاع عنه، وإذا لم يتناوله تعرَّض للآلام والتشنجات.