المعوق الأول في طريق سعادة الأسرة: المخدرات

المعوق الأول: وهو أخطرها، وأشدها فتكاً، وأعظمها تحطيماً للأسر والمجتمعات والدول والشعوب: آفة المخدرات:- المخدرات هي التي لا يقف ضررها عند حد، بل يتجاوز كل حد، ولا يسلم من أثرها أحد؛ لأنها شرور لا يعلمها إلا الله.

إن الفرد، والمجتمع، والشعب، والدولة، بل العالم كله ليعاني الآن من آثارها، وأضرارها، حتى أجمعت الأمم كلها -كافرها ومسلمها، كبيرها وصغيرها- على محاربة المخدرات؛ لقناعتها بأن أضرارها بالغة لا تُقاس؛ في الدين، والصحة، والاجتماع، والأمن، والاقتصاد، ومن أجل ذلك تحارَب على كافة المستويات.

وكيف تُحَطَّم الأُسَر عن طريق المخدرات؟ تُحَطَّم الأُسَر يوم أن تُمارَس المخدرات عن طريق أول جُرعة، وقد جرِّب ذلك، وكثير من الناس وقعوا مع أول خطوة، وانتهوا عند أول حبة تناولوها، يجلس أحدهم في المقهى، وهي مساجد الشيطان، إذا أردتَ أن ترى مساجد إبليس فاذهب إلى المقاهي، سترى المؤذن، وهو: المغني، وترى المآذن، وهي: الشِّيَش، وفوقها النار، وترى المصلين وهم قابعون على الكراسي، وكل منهم مادٌّ رجله، والشيطان يلعنهم ويسخط عليهم، ويبول في آذانهم، ويوم القيامة يتبرأ منهم، ويقول لهم: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ} [إبراهيم:22] يقول: ما أخذتكم بحبل ولا بكتاب ولا غيرهما، هل يجد الشيطان أحدهم إلى القهوة؟ لا.

{إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} [إبراهيم:22].

من الناس من يترك زوجته وأطفاله ويخرج من بعد العشاء ولا يرجع إلا الساعة الثانية عشرة ليلاً أو الواحدة ليلاًً، وأين هو؟ وهو يعبي جمراً أحمر -والعياذ بالله- ولا يطرب إلا لقرقرتها فوق رأسه، والشيطان يكبر ويهلل من عليها، يكبر تكبيرة شيطانية، تقرقر فوق رأسه فيحس لهذه القرقرة أنغاماً أعظم عنده من ترتيل القرآن، لا إله إلا الله! وبعد ذلك؟ أيضاً يمارس نوعاً آخر من العبادة، يلعب (الورق، وكبُّود، والدِّمنة، والكَيْرَم) ويضيع حياته -والعياذ بالله- ثم يتفل الشيطان في وجهه، ولا يعود إلى البيت إلا والشيطان فوق رقبته؛ لأن الشيطان الآن متطور، كان في السابق يمشي، أما الآن فأصبح يركب سيارات؛ لكنها ليست من حديد، وإنما سيارات بشرية، يقول الله: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ} [المجادلة:19] استولى عليهم واستعمرهم، وقرطسهم ووضعهم في جيبه: {فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المجادلة:19].

يأتي الرجل ويجلس في القهوة، وذاك يضحك وهو منبسط، فيسأله الرجل ويقول: ماذا بك يا أخي؟ فيقول: هناك شيء ليس عندك، فيقول: وما هو؟ فيقول: ذُق لترى، ذُق فقط، فيقول: وما هذا؟ فيقول: هذا يجعلك ترى مصر وأنت هنا، فيقول: هات ننظر، وأخذ حبة وبلعها، فيقول: بكم هذه الحبة؟ فيقول: بعشرة، أو بخمسين، أو بمائة، وبدأ في الانزلاق، فيجيء في اليوم الثاني فلا يستطيع أن يصبر! ولا بد من حبة، فيحرم أولاده من مصروف المدرسة؛ لكي يشتري حبة، ويجعل ولده وبنته في المدرسة بدون فُسحة، يشحذون من الأولاد: أعطني قطعة جبنة! أعطني قطعة (ساندويتش)! فيقال له: لماذا؟ فيقول: أبي لم يعطني شيئاً، فيقال له: لماذا؟ فيقول: ليس عنده نقود، وهو عنده نقود، ولكن اشترى بها مخدرات، وبعد ذلك تستمر الانزلاقة إلى أن يفتقر الرجل، ويصبح راتبه كله في المخدرات، ولا يعطي أولاده شيئاً، فيموتون جوعاً، لماذا؟ لأنه لا يستطيع، فتنتهي رواتبه، وإذا لم تكفه فإنه يذهب ليسرق، يسرق حلية زوجته، ويدخل على المرأة، ويقول: انظري! أنا متورط أنا زهقان هناك أزمة أسرعي أعطيني (بِنْجِرة) أو أعطيني خاتماً، أو أعطيني قطعة من حليك؛ لأنني محتاج محتاج (ومزنوق إلى رقبتي) وهو فعلاً كذلك ورطة إبليس -والعياذ بالله- في هذه المأساة، وما ظنك عندما تضيع الأسرة بهذا الزوج الفاشل، فالأولاد يضيعون؛ لأنه لا يعرف عنهم شيئاً، والبنات يضِعنَ، والزوجة إذا كانت بلا دين ربما تضيع، وتذهب لتشتغل، إما بعمل مهني، أو ربما تبيع عرضها من أجل أن تكسب شيئاً تقتات به هي وأولادها بسبب هذا الخبيث الذي تدهور في بؤرة وحفرة المخدرات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015