كلام الشيخ حامد المصلح: شكر الله لكم وأثابكم ووفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
نعم في الحقيقة أن أسباب المشكلات كثيرة بلا شك، فلكثرتها أخذ الشيخ حفظه الله بعضها، وكذلك منها المخالفات الشرعية التي تكون سبباً أيضاً لهذه المشكلات، فمنها: أن تخرج المرأة من بيت زوجها من غير إذنه، كما لا يخفى بأن هذا الأمر محظور ولا يحل لها ذلك، فحينئذ يكون الخلاف بين الزوجين، ولا شك أن الذي ينبغي بل يجب على الجميع أن يمتثلوا أمر الله تبارك وتعالى في كل شيء، فلو حكموا كتاب الله جل وعلا، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم لذهبت تلك الأمور.
والآن ننتقل إلى فضيلة الشيخ سعيد حفظه الله، ويحدثنا أثابه الله عن الحياة الطيبة السعيدة بين الزوجين، وأهمية قيامها على التفاهم والمودة والرحمة، فليتفضل مشكوراً مثاباً جزاه الله خيراً.
كلام الشيخ سعيد بن مسفر: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: أيها الأحبة في الله! الزواج سنة من سنن الأنبياء والمرسلين، جعله الله عز وجل آية من آياته الدالة عليه، يقول عز وجل في سياق عرض الآيات والدلالات التي تدل على الله عز وجل في سورة الروم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم:21].
وجعله النبي صلى الله عليه وسلم سنة، وعمل بها، وحث عليها، ونادى وأمر بها، يقول عليه الصلاة والسلام في الصحيحين: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج -الباءة: النفقة- فإنه أغض للبصر) أغض هنا من أفعل التفضيل، أي: أفضل ما تغض به طرفك هو الزواج (وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) وفي الصحيحين أيضاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا أصحابه حينما ذهب بعضهم إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وسألوا عن عبادته، فكأنهم تقالوها، لما أُخبروا عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: وأين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
فكأنهم رأوا أن يزيدون، ليس كما يفعل بعض الناس الآن، يضيع الدين وإذا قلت: هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: أين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، تريد أن أكون مثل الرسول صلى الله عليه وسلم، أولئك لهم نظر أبعد، يقولون: نحن نزيد على ما كان يتعبد له النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ونحن لم يغفر لنا، أجل سوف نزيد، وهذه الزيادة خطأ؛ لأن أكمل الهدي هديه، وخير الدين دينه، وهو أعبد الناس وأعرف الناس بربه، فقال واحد منهم: أما أنا فلا أفطر أبداً -أي: يصوم الدهر- والآخر قال: وأنا لا أنام أبداً -أي: يقوم الليل- والثالث قال: وأنا لا أتزوج النساء أبداً -أتبتل وأنقطع في العبادة ولا أنشغل عن ربي بشيء من الدنيا وشهواتها، ومن أعظم مشاغلها النساء- فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بهذه المقالة نادى أصحابه وقال: (ما بال أقوام يقولون ويقولون، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له وأعلمكم به، ولكني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد.