حقيقة الإيمان علم لابد له من معلم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: ما هذه الحياة؟ وما حقيقتها؟ ومن أين أتى إليها هذا الإنسان؟ ولماذا جاء إليها؟ وإلى أين سينتقل بعد أن يؤدي دوره على مسرحها؟ أسئلة تتردد في ذهن كل إنسان، أسئلة محيرة، وقد عجزت كل الفلسفات والمذاهب في القديم والحديث عن الإجابة على هذه التساؤلات؛ لأن الذكاء والعبقرية والعقل لوحده لا يستطيع أن يجيب على هذه الأسئلة؛ لأن العلم بالشيء لا بد أن يكون من معلم، فلو جئت -مثلاً- بشابٍ يعيش في أغوار تهامة أو في الصحراء، ودرجة الذكاء عنده متوقدة، أي: ذكي جداً لدرجة العبقرية، ولكنه لم يدرس في المدارس وأعطيته مسألة رياضية أو فك أقواس وقلت له: فك لي هذه الأقواس.

وهو لم يدرس شيئاً حتى الحروف الأبجدية، فهل يستطيع ذلك بذكائه وعبقريته وفطرته فقط أو لا بد من أستاذ الرياضيات ليعلمه؟ كذلك لو جئت إلى أستاذ (الإنجليزي) الذي يقرأ اللغة (الإنجليزية) والذي ننظر إليه بإعجاب وهو كالبلبل يترنم بها، لو جئناه برسالة باللغة (الأردية) -لغة الباكستانيين- وقلنا: يا أستاذ (الإنجليزي) اقرأ هذه الرسالة.

قال: لا أدري.

ثم قلنا له: تعرف (الإنجليزي) وما تعرف هذه؟! قال: نعم.

اللغة (الإنجليزية) أعرفها؛ لأني درست حروفها وأبجدياتها وكلماتها وتركيباتها وقواعدها وكل ما فيها عرفته، لكن هذه لغة تختلف عن هذه اللغة فلا أعرف منها حرفاً واحداً.

لكن أنت ذكي؟! - أنا ذكي في مجال تخصصي، لكن شيئاً لم أدرسه لا أعرفه.

وكذلك قس على هذا في كل العلوم، لا يمكن بالعقل لوحده أو بالذكاء أن تدرك علماً من العلوم إلا بالمعلم، أليست هذه قاعدة؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015