Q بخصوص الكذب: أنا أعمل بمكان تكثر فيه الاتصالات، وأحياناً يصادف أن يكون من المتصلين أناس لا أرغب مكالمتهم، تجنباً للإحراج فيما يطلبونه مني، والذي لا أستطيع تسهيله لهم، ولو حدث أن كلمتهم أو بُحتُ لهم بالصراحة لغضبوا، فهل يجوز أن أقول لمدير مكتبي أو سكرتيري: قل لهم: ليس موجوداً؟
صلى الله عليه وسلم لا يجوز؛ لأنك تربي هذا السكرتير أو مدير المكتب على الكذب، وأيضاً تتعوَّد أنت الكذب، ثم لماذا تكذب؟ الناس لم يتصلوا بك يا أخي إلا لأن الله جعل في يدك حاجتهم، وما دام الله تبارك وتعالى جعل حوائج العباد على يديك، لماذا تبخل على نفسك بفعل المعروف، فمن الناس من يضيق صدره إذا جاء أحدٌ يتوسط له أو يريده أن يصنع له جميلاً لدى إدارة أو نحوها، لا يا أخي، (خير الناس أنفعهم للناس) (واشفعوا تؤجروا) (من استطاع منكم أن يصنع لأخيه معروفاً فليصنع)، ومن استطاع أن يعمل خيراً فليعمل، واحرص على ما ينفعك، ما دام ذلك بإمكانك فاعمل، أما إذا كان ليس بإمكانك فاعتذر، ليس في ذلك شيء، والذي يغضب لأنك اعتذرت له بأنك لا تستطيع، فهذا مغفل، دعه يغضب إلى يوم الدين، فإذا قال لك: اصنع لي كذا، فقل له: يا أخي! والله أريد أن أصنع لك؛ لكن لا أملك شيئاً، لا أستطيع أن أفعل في موضوعك شيئاً، ولا لي أي دور في هذا الموضوع، أو فقل له: أبشِر، إن تيسر ذلك، سأحاول، وحاول إن كنتَ تستطيع، إنما كلمة: ليس موجوداً، فلا تجدي، فإن كنت لستَ موجوداً الآن، فسوف يأتي إليك بنفسه، بعض مدراء المكاتب إذا استعملوا كلمة: ليس موجوداً، قال المتصل: يبدو أن التليفون لا يُجدِي، لا بد أن أذهب إليه بنفسي، وأتاه إلى مكتبه، فإذا حصل هذا، كيف ستفعل؟ لو اعتذرت له بالتليفون عن عدم استطاعتك في موضوع المتصل أسهل لك من أن تعتذر وهو جالس أمامك، فأنت الذي ورطتَ نفسك.
فلا يا أخي الكريم، لا ينبغي أن تقول هذا، وعليك أن تكون صادقاً.